شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الجزيرة»: المصالحة الفلسطينية ستفشل بسبب سلاح حماس.. ومصر استغلت الأزمات الإنسانية حجة

مسؤولا فتح وحماس أثناء توقيع الاتفاق في مصر

أثار إعلان اتفاق المصالحة الذي أبرمته مصر بين فتح وحماس الخميس الماضي الأمل في انتهاء عقد من الخلافات بين الحركتين، ولفت الانتهاء المبكر للمحادثات في القاهرة إلى مدى الضغط الذي يتعرّض إليه الجانبان لإحراز تقدّم. وأشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بما أسماه «إعلان انتهاء الانقسام»، ومن المتوقع أن يزور غزة الشهر القادم لأولى مرة منذ سيطرة حماس عليها في 2007، بحسب «شبكة الجزيرة».

ومع ذلك، توصّل الجانبان إلى اتفاق جزئي بشأن المسائل المدنية والإدارية فقط، بينما وضُعت قضايا أكثر أهمية وإثارة للجدل جانبًا؛ مثل «الانتخابات وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتسليح حماس»، ومن المقرر النظر فيها الاجتماع القادم في أواخر نوفمبر.

فرص النجاح والفشل

وأضافت «الجزيرة»، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ «غسان الخطيب»، الوزير السابق في السلطة الفلسطينية، قال إنّه بعد فشل جهود المصالحة السابقة تحسّنت فرص النجاح الحالية؛ لأنّ الحركتين قبلتا التقدم خطوة بخطوة، والأهم من ذلك التوصّل إلى اتفاق للسماح لقوات الأمن تحت سيطرة عباس بالإشراف على معبر رفح بين غزة ومصر؛ ومن شأن ذلك تشجيع مصر على إنهاء إغلاقها المعبر؛ ما يسمح للبضائع والأشخاص بالمرور والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في القطاع.

لافتة لمواطنة فلسطينية من أمام معبر رفح تدعو إلى فتحه: «لا تغلقوا شريان الحياة وتتركونا نموت»

ومن المقرر عودة ثلاثة آلاف شرطي إلى غزة، كما سيُدمج مسؤولو حماس في غزة ووزارات السلطة الفلسطينية، وستنتهي العقوبات التي فرضها عباس على القطاع وشملت قطع الوقود وخفض إمدادات الكهرباء ووقف الرواتب.

وأضاف «غسان» أنّ المصالحة ستنجح ما دامت تتعامل مع الأزمات الإنسانية؛ لكنها ستفشل في مسائل الأمن والسياسة الكبرى.

وفيما يتعلق بمصر، قال «معين ربعاني»، من معهد الدراسات الفلسطينية، إنّ القاهرة استغلّت الأزمة الإنسانية في غزة حجة لحلّ مخاوفها الأمنية في سيناء. وقال لـ«الجزيرة» إنّ «مصر أرادت منع تنظيم الدولة من التمتّع بملاذ آمن في غزة». وبالإضافة إلى ذلك، خشيت أن يؤدي استمرار الأزمة إلى حرب أخرى بين «إسرائيل» وفلسطين؛ إذ سيحاول الفلسطينيون الهروب إلى سيناء، وأيضًا الخوف من اتّهام مصر بالتواطؤ مع «إسرائيل» عبر إغلاقها للمعبر الحدودي.

الانتخابات الوطنية

وتفيد تقارير بأنّ الإدارة الأميركية حريصة أيضًا على نجاح المحادثات، كطريقة لتهميش «حماس» وتحسين فرص الرئيس «دونالد ترامب» لبيع صفقة نهائية للسلام؛ وهذه القشة التي يتعلق بها محمود عباس، الذي يواصل حملة دبلوماسية لإقامة دولة. وقال «غسان» إنّ «الجميع يريد المصالحة الآن، ويريد عباس أن يمدد ولايته القضائية إلى غزة، بينما تريد حماس التخلص من عبء الحكم اليومي في غزة، كما يريد المانحون الدوليون أن يكونوا قادرين على توجيه الأموال إلى غزة مرة أخرى».

وأضاف: «حتى إسرائيل لها مصلحة في حلّ المشاكل الإنسانية في قطاع غزة؛ فمياه الصرف الصحي غير المعالجة في غزة تنتهي إلى الشواطئ الإسرائيلية»، متوقعًا أن تكون القضايا الأكثر أهمية، التي أشير إليها، مستعصية على الحل؛ كالأمن والانتخابات والسياسة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس – أرشيفية

ووصل مئات من مسؤولي السلطة الوطنية الفلسطينية من الضفة الغربية المحتلة إلى غزة الأسبوع الماضي للبدء في تشكيل حكومة وطنية للتوافق، وتعد هذه الإدارة «التكنوقراطية» تدبيرًا مؤقتًا إلى أن تُرتّب الانتخابات الفلسطينية وتُشكّل حكومة تمثيلية؛ ومن المتوقع تناول قضية الانتخابات في الجولة القادمة من المحادثات.

لكن، من الصعب على السلطة الفلسطينية إجرء الانتخابات؛ خاصة بعد فوز حماس الساحق في الانتخابات التي أجريت قبل 11 عامًا؛ ما أدّى إلى حرب أهلية مع حركة فتح، التي عزّزت فصل غزة سياسيًا وإقليميًا عن الضفة الغربية.

وتقول استطلاعات الرأى إنّ عباس أو أيًا من خلفائه المحتملين سيخسرون الانتخابات الرئاسية أمام زعيم حركة حماس «إسماعيل هنية»، وقد يكون أفضل أمل لعباس تجنب حماس مسؤولية إدارة غزة، أو على الأرجح، كما قال «غسان»، تأجيل الانتخابات وتولي حكومة التكنوقراط مسؤولية إدارة الأمور.

مصير المصالحة

طالبت حماس بإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، التي فُصلت عنها، وإعادة دمجها فيها. وقال غسان إنّ الحركة ستقوّض استراتيجية عباس الدبلوماسية التي تسعى إلى إقامة دولة فلسطينية؛ ومن المرجح أن تسحب «إسرائيل» والمجتمع الدولي اعترافهما بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفهما «الممثلين الشرعيين الوحيدين للشعب الفلسطيني».

وقال «معين» إنّ «الخطر في معرفة كل جانب أنّ المصالحة محكوم عليها بالفشل؛ لكنهم ينتظرون عسى أن تتيح التطورات لهم فرصة توجيه اللوم إلى الجانب الآخر بسبب الفشل الحتمي».

وقالت «الجزيرة» إنّ هناك عقبة رئيسة أخرى، تتمثل في إيجاد ترتيب لقوات الأمن التابعة لحماس البالغ عددهم 25 ألف مسلح في غزة. وقال عباس إنه يتوقع أن يخضع الجناح العسكري لحماس إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله. وفي مقابلة مع التلفزيون المصري الأسبوع الماضي دعا إلى «دولة واحدة ونظام واحد وقانون واحد وسلاح واحد».

«كتائب القسام» الذراع المسلحة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» – أرشيفية

إضافة إلى ذلك، قد تصرّ إدارة ترامب على ما طرحه عباس؛ إذ قال في بيان صدر الأسبوع الماضي عن «جيسون غرينبلات»، مبعوث البيت الأبيض إلى المنطقة، إنه على حكومة الوحدة أن «تلتزم صراحة بالسلمية».

ومع ذلك، يمكن أن تكون فكرة نزع السلاح عن حركة حماس في هيئة صفقة؛ خاصة بالنظر إلى التنسيق الأمني ​​للسلطة الفلسطينية مع «إسرائيل» منذ مدة طويلة، وأمضت حماس سنوات في بناء شبكة متطورة من الأنفاق تحت غزة، وتعتقد أنها كانت مفتاح نجاحها في مواجهة الهجوم الإسرائيلي في حرب عام 2014. ومن الصعب تصوّر التخلي عن الأنفاق أو أسلحتها.

وتعتمد شعبية حماس أيضًا على التزامها بالمقاومة المسلحة، وتجريدها من السلاح يعني تجريدها من أسباب وجودها؛ ومع ذلك هناك طريق للخروج من هذا الجمود الظاهر.

دور مصر

وردًا على تصريحات عباس، قال إسماعيل هنية للتلفزيون المصري إنه في حين أنّ الحركة لن تتخلى أبدًا عن «أسلحة المقاومة»، فإنها توافق على قرارات مشتركة مع فتح بشأن توقيت استخدامها وكيفيته، ويقال إنّ مصر اقترحت إنشاء مجلس أمن مشترك في غزة وتقسيم ممثليه بالتساوي بين حماس وفتح.

والأهم من ذلك أنّ مصر ستشرف على المجلس، مما يعطيها بالفعل الكلمة إذا لم تتفق الفصائل الفلسطينية فيما بينها. وقال وزير سابق في الحكومة الفلسطينية، طلب ألا تُكشف هويته، إنه يتوقع من مسؤولي المخابرات المصرية الإشراف المباشر على قوات الأمن في غزة. ومن شأن ذلك أن يسمح للقاهرة بمراقبة الصلات الوثيقة بين الجماعات السلفية في غزة وأولئك الذين في سيناء.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قبل لقاء مع مسؤولين مصريين

ولكن، ليس واضحًا ما إذا كان عباس سيوافق على التخلي عن سلطاته كقائد أعلى لقوات الأمن الفلسطينية.

وحذر «معين» من تجاهل «الفيل القابع في الغرفة: إسرائيل»؛ إذ ذكرت مصادر فلسطينية ومصرية أنّ وفدًا إسرائيليًا زار القاهرة لساعات يوم الثلاثاء، في توقيت بدء المحادثات بين حماس وفتح؛ وإذا كانت هذه التقارير صحيحة فإنها تؤكد مدى أهمية مصر في اعتبار التعاون الإسرائيلي مهمًا للمصالحة.

وكانت حكومة الوحدة الأخيرة، التي أنشئت في صيف عام 2014، قصيرة الأجل؛ وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتانياهو» منذ البداية بأنه تصويت للإرهاب. وبعد أسابيع، عقب اختطاف ثلاثة مجندين يهود قتلوا في الضفة الغربية المحتلة، كثّفت «إسرائيل» الهجمات على غزة، وبلغت ذروتها بحرب قتلت أكثر من 1500 مدني في القطاع، وأدت إلى وفاة حكومة الوحدة.

وقال «معين» إنّ «إسرائيل» قد تحاول اختلاق مواجهة أخرى لإفساد المصالحة؛ كما صرّح وزير الدفاع «أفيجدور ليبرمان» بتهديد «إسرائيل» بإطلاق حرب أخرى مع حزب الله، قال فيها إنّ «هذه الحرب لا يمكن احتواؤها على الحدود الشمالية»؛ ما يعني أنها ستشمل حماس أيضًا.

وقال «جيرشون باسكن»، مدير المركز الفلسطيني للبحوث والمعلومات وأحد الإسرائيليين القلائل الذين كانوا على اتصال منتظم مع قيادة حماس، إنّ نتانياهو سيبحث عن فرص لتدمير حكومة الوحدة، مضيفًا: «أنا على يقين بأنه سيحاول إفشالها؛ فهو يفضّل أن تبقى الضفة الغربية وغزة مقسمتين؛ حتى يتلاشى الضغط عليه في التفاوض، وبإمكانه حينها ترديد أنّ عباس لا يمثّل جميع الفلسطينيين، وما إلى ذلك من المبررات».

وحذّر جيش الاحتلال من قبل من أنّ الأزمات الإنسانية في قطاع غزة تهدّد بحرب أخرى ضد حماس؛ باعتبار أنّ ما يحدث في غزة يؤثر على «إسرائيل»، كما أنّ نتانياهو أيضًا لا يريد أن ينظر إليه على أنه يتحدى البيت الأبيض، الذي سعى لإتمام السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

واعتبر «أنطونيو غوتيريس»، الأمين العام للأمم المتحدة، في اجتماع الشهر الماضي، أنّ نتنياهو أكبر عقبة أمام السلام، وقال «جيرشون» إنّ نتنياهو سيبذل قصارى جهده لتخريب حكومة الوحدة؛ فقبل إعلان اتفاق المصالحة دعاها إلى حلّ الجناح العسكري لحركة حماس وتقليل علاقاتها مع إيران، وهي شروط تهدف إلى إحداث توتر في العلاقات بين حماس وفتح.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023