شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أتلانتيك: «بن سلمان» وليُّ للعهد.. من أجل سياسة خارجية «أكثر عدوانية»

أتلانتيك: «بن سلمان» وليُّ للعهد.. من أجل سياسة خارجية «أكثر عدوانية»
وركّز الألمان على ابن الملك المُفضّل «محمد بن سلمان»، الذي جمع بسرعة سلطة هائلة؛ كولي ولي العهد ووزير الدفاع، بالإضافة إلى التحكم في الملف الاقتصادي. وحذّرت المذكرة من أنّ تركيز كثير من السلطة في يد أمير شاب يفتقد

حين تسرّبت مذكرة لافتة من جهاز المخابرات الخارجية الألماني في ديسمبر عام 2015 إلى وسائل الإعلام، جاء فيها أن القادة السعوديين الجدد يزعزعون الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقالت المذكرة إن الملك «سلمان» ومستشاريه استبدلا سياسة الحذر، التي استمرت لعقود في المملكة، وأحلّوا محلّها سياسة التدخل بشكل مكثّف.

وركّز الألمان على ابن الملك المُفضّل «محمد بن سلمان»، الذي جمع بسرعة سلطة هائلة؛ كولي ولي العهد ووزير الدفاع، بالإضافة إلى التحكم في الملف الاقتصادي. وحذّرت المذكرة من أنّ تركيز كثير من السلطة في يد أمير شاب يفتقد الخبرة نسبيًا يشكل «خطرًا كامنًا في محاولته إثبات نفسه في خط الخلافة الملكية، في حين لا يزال والده على قيد الحياة؛ وعبّرت عن مخاوف من إمكانية تجاوزه للملك».

وبالأمس، أقال «سلمان»، البالغ من العمر 81 عامًا، ابن أخيه ولي العهد؛ ورفع «محمد بن سلمان» مكانه كأوّل وريثٍ للعرش. وكان الأمير، البالغ من العمر 31 عامًا، يتحكم في كثير من الأمور قبل أن يصبح الأول في خط الخلافة الملكية، والآن يكاد يكون مؤكدًا أنّه سيصبح ملكًا في القريب، وربما لعقودٍ من الزمن.

يُرسّخ صعود «بن سلمان» السياسة الخارجية السعودية الجديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ خاصةً موقفها العدواني تجاه منافستها الإقليمية الرئيسة «إيران». حيث كان الدافع الرئيس وراء كبرى المقامرات التي تخوضها المملكة منذ أن صعد والده إلى العرش في يناير عام 2015؛ مثل الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والحملة الأخيرة لعزل قطر، وإعادة النظر في الاقتصاد السعودي الذي يهدف إلى تحويله بعيدًا عن الاعتماد على النفط.

وقد يعني تعزيز سلطة «بن سلمان» مزيدًا من الصراع والاضطراب في المنطقة، وهو الذي رفض أيّ احتمالٍ للتفاوض مع إيران، قائلًا إنّها تسعى إلى السيطرة على العالم الإسلامي والإطاحة بالسعودية من دورها التقليدي كحارسٍ لأقدس مدينتين في الإسلام «مكة المكرمة والمدينة المنورة». وقال «بن سلمان» في مقابلة مع شبكة تلفزيون سعودية الشهر الماضي: «نعرف أنّنا هدفٌ رئيسٌ للنظام الإيراني»، وأضاف: «سنعمل على نقل المعركة إلى داخل إيران».

ويدفع صعود الأمير «آل سعود» أيضًا إلى القرب أكثر من إدارة «ترامب». وقد أُعجب «ترامب» بالأمير الشاب الذي أقام تحالفًا مع «جاريد كوشنر»، صهره ومستشاره الرئيس.

وفي مارس، اجتمع «بن سلمان» مع «ترامب» في البيت الأبيض لوضع حجر الأساس لزيارة «ترامب» الشهر الماضي للمملكة، وهي المحطة الأولى في رحلته الخارجية الأولى كرئيس. واستمر «كوشنر» و«بن سلمان» في وضع التفاصيل لأسابيع لضمان حصول «ترامب» على استقبال كبير في الرياض؛ حيث استقبله العشرات من القادة العرب والمسلمين الذين جمعهم السعوديون.

وفي أبريل الماضي، عيّن الملك «سلمان» ابنه الأمير «خالد بن سلمان»، وهو طيارٌ مقاتلٌ في أواخر العشرينيات، من دون أن تكون له أيّ خبرة سياسية أو دبلوماسية، ليكون سفيرًا للسعودية لدى الولايات المتحدة. وكانت رسالة الملك واضحة لـ«ترامب»، الذي وضع أيضًا أقاربه المقربين في مواقع السلطة؛ وهي أنّه سيكون هناك خطٌ مباشرٌ بين آل سعود وإدارة «ترامب».

وبمجرد تولي «ترامب» منصبه، كانت لدى السعوديين آمالٌ كبرى، ولم يُخيّب ظنهم. وحوّل «ترامب» وكبار مستشاريه السياسة الأميركية نحو دعمٍ أكثر وضوحًا للسعودية، مع الانتقاد المتواصل لإيران. ويتناسب خطاب «ترامب» المناهض لإيران، وتركيزه على طهران باعتبارها أكبر مصدر للاضطراب في المنطقة، تمامًا مع القيادة السعودية الجديدة.

وعلى مدى عقود، سعت المملكة إلى حدٍّ كبيرٍ للتأثير على السياسات الخارجية للدول؛ عبر الاستفادة من التوسّع الاقتصادي بسبب ارتفاع أسعار النفط. ومارس القادة السعوديون سلطتهم في تمويل الوكلاء ووسائل الإعلام والأصدقاء من السياسيين العرب والمسلمين.

وعلى سبيل المثال، بعد الانقلاب في مصر بقيادة قائد الجيش آنذاك «عبدالفتاح السيسي» ضد الحكومة التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون في يوليو عام 2013، قدَّم السعوديون أكثر من 12 مليار دولار للحفاظ على الاقتصاد المصري واقفًا على قدميه، وضغطوا على نظامين ملكيين عربيين آخرين للتعهد بتقديم مزيد من المساعدات. وفي صيف عام 2015، أصدرت «ويكيليكس» ملفات دبلوماسية سعودية مُسّربة؛ أظهرت مصروفات ضخمة وهائلة في الجهود الدبلوماسية للمملكة.

وتجنب السعوديون إلى حدٍ كبيرٍ التدخل العسكري المباشر. لكنّ ذلك تغيّر في أوائل عام 2015، عندما صعد «سلمان» إلى العرش بعد وفاة أخيه الملك «عبدالله»، الذي كان في السلطة لمدة 20 عامًا. وبدلًا من الاعتماد على التدخل العسكري الأميركي ومحاربة إيران عبر الوكلاء والدبلوماسية الاقتصادية، كما فعل سلفه؛ اعتمد «سلمان» ودائرته الداخلية بسرعة سياسة خارجية أكثر عدوانية.

ومع انخفاض أسعار النفط، قاد حربًا ضد المتمردين الحوثيين في اليمن بعد شهرين فقط من الحكم. كما عيّن «سلمان» ابنه، الذي يبلغ من العمر 29 عامًا فقط آنذاك، نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للدفاع؛ للإشراف على حملة اليمن العسكرية. وأوضح قادة المملكة أنّهم مستعدون لمواجهة إيران في حربهم الإقليمية المتنامية التي تمتد عبر العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان. وكما جاء في مذكرة الاستخبارات الألمانية: «تريد السعودية أن تثبت أنّها مستعدة لمواجهة مخاطر عسكرية ومالية وسياسية لم يسبق لها مثيل؛ حتى لا تقع في وضعٍ غير مواتٍ في المنطقة».

ومنذ تولّيه الرئاسة، أظهر «ترامب» ميلًا ضئيلًا لانتقاد السعوديين؛ على الرغم من خطاباته ضد المملكة أثناء الحملة الرئاسية. وبعد زيارته وتصريحاته التي انحازت بشدة إلى جانب السعودية وحلفائها العرب السنة ضد إيران، أصبح «سلمان» وابنه أكثر جرأة. وفي الخامس من يونيو، وبعد أسبوعين من زيارة «ترامب»، قطعت السعودية ومجموعة من حلفائها العرب جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر؛ متهمةً إياها بتمويل الإرهاب، ودعم الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين وحماس، وتقويض الجهود العربية لعزل إيران. كما فرضوا عليها حصارًا جزئيًا، في صورة إغلاق الحدود البرية الوحيدة بينها وبين السعودية، وتقييد السفر الجوي من قطر وإليها.

ومثل الحرب في اليمن، جاءت جهود عزل قطر كمحاولة من جانب «سلمان» وابنه لإخضاع جارتها لتتماشى مع السياسات السعودية. ومع ترقيه إلى أعلى درجات سُلّم الخلافة الملكية الآن؛ من المرجّح أن يخوض الأمير الشاب قدرًا أكبر من المخاطر.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023