شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

دراسة: بنسبة 95%.. الثأر والقمع يدفعان الشباب المصري للتطرف

دراسة: بنسبة 95%.. الثأر والقمع يدفعان الشباب المصري للتطرف
استعرض الباحث جورجس فهمي، الباحث ببرنامج الشرق الأوسط في معهد الجامعة الأوروبية نتائج دراسة موسعة قام بها المعهد عن دوافع التطرف لدى الشباب المصري وسبل مواجهته، وذلك في مقال نشره موقع "كونفرسيشن".

استعرض الباحث جورجس فهمي، الباحث ببرنامج الشرق الأوسط في معهد الجامعة الأوروبية نتائج دراسة موسعة قام بها المعهد عن دوافع التطرف لدى الشباب المصري وسبل مواجهته، وذلك في مقال نشره موقع “كونفرسيشن”.

وسلطت الهجمات المميتة على كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية في أبريل الماضي – أدتا إلى مقتل لا يقل عن 44 مسيحيا -الضوء على الإرهاب في مصر، فيما تشعر المؤسسات الإسلامية بممارسة مزيد من الضغوط لمواجهته.

وألقى كثير من الناس اللوم على  الأزهر الذي يعد واحدة من أقدم المؤسسات الدينية في البلاد، حيث يقول منتقدو إمامه أحمد الطيب إنه يتوجب عليه أن يفعل المزيد لمواجهة السلفية الجهادية التي تدعو إلى استخدام العنف لإقامة دولة إسلامية.

وشدد عبد الفتاح السيسي عدة مرات على ضرورة مواجهة الهيئات الدينية الفلسفات الإسلامية المتطرفة بشكل أكبر، وخلال شهر يناير 2015، على سبيل المثال، طالب السيسي الأزهر القيام بما أسماه “ثورة دينية” لإصلاح الفكر الإسلامي للمؤسسة وتصحيح المفاهيم التي يعلمها.

السيسي وشيخ الأزهر

 ورفض الأزهر هذه الوصاية في الماضي، وأصر على أن مسؤولية العلماء المسلمين أن يقرروا نطاق الإصلاحات التي قد تطال المعتقد الديني، ومع ذلك، فقد حرص الإمام الطيب على عدم التصادم مع السلطات، ووفقا للدستور المصري، فإن الإمام الأكبر للأزهر مستقل ولا يجوز عزله، ومع ذلك تمارس الدولة المصرية تأثيراً قوياً على جميع المؤسسات، بما فيها المؤسسات الدينية.

ويوافق العديد من العلماء والمسؤولين المسلمين على أن فتح النقاش حول تقاليد الدين وتجديد المناهج الدينية خطوة ضرورية وإيجابية، لكن ذلك وحده لن يحول دون وقوع التفجيرات الأخيرة في الكنائس.

بحث الشباب عن أفكار متطرفة

الضغط على المساجد والقادة الإسلاميين لـ”وقف التطرف” يفترض مسبقا أن يتبنى الشباب أفكاراً متطرفة قبل قرارهم الانضمام إلى الجماعات الجهادية لكن البحث الذي قمنا به في مصر يظهر منطقاً عكسياً؛ فغالباً ما يحدث التغيير الفكري للأفراد بعد قرارهم أن العنف هو السبيل الوحيد لتغيير المجتمع.

أحمد الدورى  أحد الشباب المنضمين إلى تنظيم الدولة

في دراستنا المستمرة التي لم تنشر بعد، تابعنا حتى الآن 50 حالة من الشباب المصري تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما من مختلف المحافظات المصرية الذين انضموا إلى الجماعات الجهادية بين عامي 2012 و2016، ووجدنا أن نسبة كبيرة (95٪) قررت الانخراط في منظمات عنيفة لأسباب لا علاقة لها بالاعتقاد في  أفكار دينية جامدة، وبدلاً من ذلك، كان دافع معظمهم الظروف السياسية والاجتماعية.

محمد، صحفي مصري ضمن الحالات التي استعرضتها الدراسة، حيث كان محمد مسلما معتدلا يمارس الشعائر الإسلامية، وعلى الرغم من أنه كان يصلي خمس مرات في اليوم، إلا أنه لم يطلب من أي من زملائه الانضمام إليه في الصلاة أو الإصرار على ضرورة ارتداء المرأة للحجاب.

وشارك محمد في يناير 2011، مثل الآلاف من المصريين، في انتفاضة ميدان التحرير ضد الرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم مصر منذ عام 1981، وكانت الفترة الانتقالية التي أعقبت إطاحة مبارك محبطة، ولكن محمد لم يؤمن باستخدام العنف لتحقيق الأهداف السياسية، حتى بعد التدخل العسكري ضد محمد مرسي، الذي انتخب في يوليو 2013  كمرشح للإخوان المسلمين، حافظ محمد على نهجه السلمي.

وعارض محمد الانقلاب العسكري وكان هدفه الانتقال الديمقراطي فقط لكن إصابته أثناء تغطية احتجاجات جماعة الإخوان المسلمين في أكتوبر عام 2013 دفعته إلى إعادة التفكير في كيفية تغيبر المجتمع.

شباب مؤيدين للإخوان المسلمين

وبدأ محمد يتحدث عن واجب كل إنسان في مواجهة الظلم، بما في ذلك استخدام القوة، وقراءة الأدب الجهادي السلفي، وبعد عدة أسابيع، سافر إلى سوريا للانضمام إلى جماعة أصولية إسلامية، وفي يوليو 2014، وبعد أشهر من الوصول إلى سوريا، قُتِلَ في المعارك الدائرة هناك.

قصة محمد نموذجية، وقد تكون المسارات المحددة للجهاديين المصريين الآخرين مختلفة، لكن العامل المشترك الأكثر شيوعا هو أنهم يبحثون عن أفكار جهادية لتعزيز أهدافهم العنيفة، وليس العكس.

هل يمكن للأئمة وقف التطرف؟

يؤكد بحثنا أن مجرد تجديد الخطاب الديني المعتدل لن يمنع الشباب المسلمين من الانضمام إلى الجماعات الجهادية – في مصر أو في أي مكان آخر – ويتطلب مواجهة التطرف نهجا أكثر شمولا يمكِّن الشباب سياسيا واقتصاديا بالإضافة إلى توجيههم بعيداً عن أيديولوجية السلفيين المتطرفة.

والأزهر وغيره من المؤسسات الإسلامية بطبيعة الحال لديهم دور لكي يقوموا به، وعليهم أن يدحضوا حجج الخطاب الجهادي السلفي، لكن المشكلة الرئيسية للأزهر اليوم هي سياسية وليس دينية، فعلى الرغم من احترام العديد من المسلمين المصريين لتوجيهاته، إلا أن علاقة الأزهر الوثيقة مع الحكومة تقوض شرعيته.

ولن يتشاور الشباب أمثال محمد الذين يرغبون في الانضمام إلى الحركة الجهادية مع علماء الأزهر لأنهم يعتبرونهم بوقاً للنظام الحاكم، وسواء كان خطاب الأزهر معتدل أو محافظ، فإن خطاب الأزهر يقع على آذان صماء كثيرة.

وبدعوة المسئولين في الدولة إلى إجراء إصلاحات دينية، فإن ذلك يعزز فقط الشكوك الشعبية بأن مؤسسات الدولة الدينية خاضعة للنظام، وبهذا المعنى، فإن دعوات السيسي إلى اتخاذ الأزهر إجراءات ضد التطرف يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، مما يضر بمصداقية هذه المؤسسات ويحث الشباب على النظر إلى أماكن أخرى للتعلم الديني.

وعندما يحدث ذلك، فإننا نرى إنشاء مجال ديني مواز يتألف من جهات فاعلة وأفكار دينية لا مركزية وغامضة نسبياً، ليس لدى الدولة سيطرة على هذا العالم الخاص من الشبكات الإسلامية والفصول الخاصة على الإنترنت، لا يلعب الأزهر فيها أي دور.

وبالإضافة إلى هذين المكانين – الفصول الخاصة والإنترنت –  حيث يجد أغلبية الشباب الغاضب أفكارا جهادية سلفية، هناك مسار ثالث هو السجن؛ عندما يودع الناشطون السلميون الذين سجنوا بسبب منشور على الفيسبوك، على سبيل المثال، في الزنزانة نفسها التي يتواجد بها المتطرفون المتشددون.

ومع عدم وجود قوى دينية أخرى لموازنتها، فإن هذه الشبكة الدينية الموازية – التي غالبا ما تكون عبر الإنترنت – هي أرض خصبة لجذور التطرف، وحتى جماعة الإخوان المسلمين، التي قاومت الأفكار الجهادية في الثمانينيات والتسعينيات، انجذب بعض أعضائها الذين فقدوا الأمل في التغيير السياسي السلمي  إلى التطرف السلفي.

ويمكن للأزهر أن يلعب دورا نشطا في منع التطرف، لكن إذا كانت المؤسسات الإسلامية الرئيسية تأمل في التخفيف من حدة العنف الذي ينفذ باسم الدين، فعليها أن تبدأ بتغيير علاقتها مع الدولة لاستعادة مصداقيتها كجهات دينية مستقلة يمكن أن يسعى إليها الشباب الغاضب ويؤمن بها.

إن إعادة الثقة تتطلب أيضا أن يمتنع أئمة الأزهر ومؤسسات أخرى عن فرض صورة “حقيقية” عن الإسلام على المجتمع، وبدلا من ذلك، يمكن لشبكة من علماء الدين المستقلين والمدربين تدريباً جيداً الإجابة على الحجج التي طرحها الجهاديون السلفيون والتدخل في وقت مبكر عند ظهور علامات  التطرف.

يمكن للمصريين أن يعيشوا في بيئة دينية تعددية وحرة إذا لم تحاول الدولة احتكار السوق الدينية بالقوة، واستبعاد الجهات الفاعلة المستقلة، وحتى مع لعب الأزهر دوراً في إبطاء انتشار الأفكار المتطرفة، فإن مواجهة التطرف العنيف تبقى مسؤولية النظام.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023