شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ترامب لم يعتمد أوراق رئاسته بعد ويضع لخليفته إرثا من الفشل

ترامب لم يعتمد أوراق رئاسته بعد ويضع لخليفته إرثا من الفشل
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه يجب على أي رئيس أن يحظى بثقة شعبه وبمجرد فقدان هذه الثقة لا يمكنه الحكم بعدها، مضيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نسى ذلك وربما تتسبب أفعاله المتهورة ليس فقط في تغيير مسار رئاسته

قبل فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة تسبّبت تصريحاته ومواقفه في حالة جدل واسعة، حتى لم يتوقع كثيرون نجاحه؛ وفور وصوله إلى البيت الأبيض بدأ في تطبيق أفكاره، التي وصفت بـ”العنصرية”.

استهل دونالد رئاسته بقرارين؛ جاء أحدهما بمنع دخول مهاجرين من ست دول ذات أغلبية مسلمة إلى أميركا، ولم يكتف بذلك؛ بل استمر في تصريحاته العنصرية وقراراته التي افتقرت إلى أسس التعقل التي يجب أن يتحلى بها أيّ رئيس. وبالتأكيد لم يدرك أنه بذلك يضع نفسه ورئاسته ودولته في خطر بسبب أفعاله وتصريحاته. 

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه “يجب على أيّ رئيس أن يحظى بثقة شعبه، وبمجرد فقدان هذه الثقة لا يمكنه الحكم بعدها”، مضيفة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نسي ذلك؛ وربما لن تتسبب أفعاله المتهورة في تغيير مسار رئاسته فقط، ولكن البيت الأبيض بأكمله؛ فلا يجب التساؤل عما سيحدث له فقط؛ ولكن أيضًا ماذا سيحدث للرئاسة بمجرد رحيله.

وأضافت الصحيفة أن قوة الرئاسة في أميركا ازدادت على فترات طويلة بتشجيع من الكونجرس، سواء بشكل فعال أو افتراضي؛ ولكن تسببت تصريحات دونالد في وجود توترات بينه والفروع الحكومية الأخرى، التي قد تؤدي في النهاية إلى تقليل قوته. وأظهر الرئيس الأميركي فشله بأي ثقة، بتحدّيه للكونجرس والمحاكم بسبب اعتراضهما عليه.

وأوضحت الصحيفة أن من أبرز المواقف التي توضح سبب قلة ثقة الكونجرس والمحاكم به هو إقالته لمدير مكتب التحقيقت الفيدرالي “جيمس كومي”، الذي كان يقود التحقيقات في علاقة حملة دونالد بالجانب الروسي، وتصريحاته بعدها؛ حيث برّر في لقائه مع قناة “إن بي سي” إقالته لجيمس بأنه تحدّث مع نفسه ورأى أن قضية علاقته بروسيا “قصة مفبركة”، بجانب إخباره لجيمس في جلسة سرية أن يترك هذه القضية. 

وقالت الصحيفة إن هذه التصريحات أثارت القلق من الإعاقة المتعمدة من الرئيس الأميركي لتحقيقات علاقته بروسيا، ولكن سيحدد المستشار الخاص الجديد المُعيّن “روبرت ميلر” إن كان هناك جريمة ارتكبت بالفعل من حملة دونالد أم لا. 

وأكدت أن الكونجرس يملك مسؤولية التحقيق في مزاعم إعاقة دونالد للعدالة، ولن تكون هذه أول مرة؛ حيث نادى من قبل كثيرًا بإقالة الرئيسين السابقين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون بسبب إعاقتهما للعدالة أيضًا.

وتساءلت الصحيفة عن جدّية محاولات الجمهوريين المسيطرين على لجنة التحقيقات في الكونجرس التأكد من عدم استغلال ترامب لسلطته، مضيفة أنه في تطور بالغ الأهمية طلبت لجنة الرقابة وأعضاء في الكونجرس جميع المواد المتعلقة بقضية دونالد وجيمس، كما أعلنت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ أن جيمس سيشهد في جلسة عامة بشأن هذه القضية في الفترة المقبلة؛ ولذا سنرى هل سيلتزم زعيم الأغلبية “ميتشل ماكونيل” ورئيس مجلس النواب “بول راين” بالبحث عن الحقيقة التي ستكون لها تكلفة بالنسبة إلى الحزب الجمهوري.

وأوضحت الصحيفة أن تعيين روبرت ميلر للتحقيق لا يعني أن الكونجرس لا دور له في هذه المسألة؛ حيث إن سلطة روبرت محدودة ولا يمكنه الإعلان عن نتائج التحقيق دون إصدار قائمة اتهامات، وقد يستغرق تحقيقه أعوامًا؛ بينما يجب على الكونجرس أن يقوم بمهامه ويحقق في الأمور المتعلقة بهذه القضية ويعلن عن أي شيء يتوصل إليه.

وقالت إنه بناء على الهيكلة الأميركية، فإن دور الكونجرس مواجهة أفعال دونالد وتوابعها السيئة؛ ومنها تدمير مكانة أميركا الخارجية، وكذلك تضارب المصالح بسبب تعيين أفراد أسرته في وظائف رئيسة بالبيت الأبيض.

أما بالنسبة إلى المحاكم، رأت الصحيفة أنها واجهت دونالد في أكثر من موقف؛ ومن أبرز الأمثلة المعركة القانونية الخاصة بقراره بمنع دخول مواطنين من ست دول ذات أغلبية مسلمة. وفي هذا الشهر، أثناء جلسات الاستماع، قال قاضيان من محكمة الاستئناف إن الهدف الأساسي من قرار دونالد ليس حماية الدولة؛ ولكن منع دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية.

وفي العادة، لا يرغب القضاة في الحديث عن أمور تتعلق بدوافع القرارات التنفيذية للرئيس؛ خاصة فيما يتعلق بالأمن والهجرة. ولكن، قال القاضي روبرت كينج، من المحكمة الأميركية للاستئناف، إن الرئيس الأميركي لم ينكر أن هذا القرار يتعلق بالمسلمين، بجانب تصريحات دونالد بوقف الأموال الاتحادية عن المدن التي لا تتعاون مع إدارة الهجرة. وفي المحكمة، قالت الإدارة إن القرار يقصد به المدن التي تعد ملاذًا للاجئين؛ ولكن قاضي سان فرانسيسكو ويليام أوريك قال إنه لا يقتنع بهذا التفسير.

ورأت الصحيفة أن المحاكم الأميركية لم تعط لدونالد الاحترام الكافي الذي يجب منحه لأي رئيس؛ لأنه لم يستحقه، وشارك موظفو البيت الأبيض في ازدرائه بعد خروج تسريبات؛ سواء من المجتمع الاستخباراتي أو البيت الأبيض.

واعتبرت الصحيفة أنه مع استمرار تحريض المحاكم والمجتمع الاستخباراتي ضده بجانب تحقيقات الكونجرس بشأن أفعاله، يبدو أن رئاسة دونالد تتضاءل كثيرًا. مضيفة أنه إذا استمر في منصبه في هذه الحالة من التهور والضعف فمن المحتمل أن الكونجرس والمحاكم سيضعان رئاسته في نوع من الحراسة الدستورية حتى انتهاء فترته.

وأضافت الصحيفة أنه من الممكن أن يمثل ذلك ضربة قوية وانتكاسة لقوة الرئاسة الأميركية؛ فبعد قضية ووترجيت حدثت انتكاسة للرئاسة، وتمكَّن الرؤساء التاليون من استعادة هذه القوة بموافقة المحاكم والكونجرس ومساعدتهما.

وتمكّن جورج بوش وباراك أوباما من إظهار قوتهما بقراراتهما التنفيذية؛ حيث عزز جورج من سيطرة الرئاسة على قطاع الأمن القومي بعد أحداث 11 سبتمبر بإنشاء معتقل جوانتنامو ومحاكمة المشتبه فيهم بأعمال إرهابية أمام محاكم عسكرية، والسماح بالتنصت دون وجود إذن من القضاة. أما أوباما فاتخذ قرارات أحادية عدوانية لإصلاح نظام الهجرة. وتركا الرئاسة بعد انتهاء مدة الحكم أقوى مما أتيا إليه، وعلى الرغم من إثارة قرارات لهما الجدل؛ فإنهما احترما بسبب مهنية قيادتيهما.

ولكن، بالنظر إلى ترامب، فإنه خلق أزمة جديدة للكونجرس والمحاكم والوكالات الأميركية؛ فماذا يمكن أن يفعلوا عندما يمثل الرئيس خطرًا؟ فعلى عكس كل الرؤساء، افتقر دونالد إلى المبادئ الأساسية والصفات لقيادة الحكومة؛ فإذا قلل الكونجرس من قوة الرئاسة لتقييده هل سيتركون المكتب الرئاسي ضعيفًا للرؤساء القادمين لقيادة الدولة؟!

ويبدو أن دونالد لم يضع البيت الأبيض فقط في حالة ضعف؛ ولكنه عرّض الدولة بأكملها إلى الخطر، وسيكون على الرئيس القادم إصلاح ذلك.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023