شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الاستفتاء التركي .. ورسالة إلى الإخوان المسلمين

الاستفتاء التركي .. ورسالة إلى الإخوان المسلمين
ما كُسِرتم إلا يوم قدمتم وجوهاً كالحة بدعوى المشاركة والتوافق؛ فأهانت رايتكم وشوهت نصاعة يافتطكم وأغضبت حاضنتكم وصرفت عنكم كثير من جلسائكم ومؤيديكم.

هي رسالتى إذن إلى جماعة الإخوان المسلمين أحاول ألا تنقصها الصراحة وإن ظل الود عنواناً لها والبر حاكماً فيها.

خطاب حاني شفوق من إبن لأبيه يرفض العقوق لكن بكلمات واضحة لا تضيع معها النصيحة، الإصلاح فيه غاية والهداية أمل والرفق مظلة وقانون.

مرت التجربة التركية في منعطفات ومطبات وَعِرة، وهي على الرغم من تباينات كثيرة في الواقع إلا أنهما حملت رسائل ودروس مهمة تلزم الحركة الإسلامية أن تتوقف عندها وتستلهم مواطن العبرة فيها.

الإخوان هم أكثر الناس حاجة للتوقف معها ليراجعوا كثير من حركتهم وسلوكهم السياسي في ضوء نبراتها العالية الصاخبة..

بعيداً عن إجترار الخطأ أو توجيه سهام النقد أو الانتقاص من قامات أصابات وأخطأت، حسبنا من ذلك كله نصائح مباشرة وإشارات نلتقطها من النموذج التركي تكفي كل لبيب!!.

أيها الإخوان..

ميدانكم الشارع وحصنكم الجماهير وقضيتكم بيد الشعب المصري وليس لأحد سواه.

استعينوا بالنخب السمحة فقط، ولا يشغلنكم أصحاب الأحقاد فلن تنتهي أضغانهم ولن تستقيم قلوبهم ولن يرضوا عنكم حتى تميلوا كل الميل.

لكم جماهيريتكم ووجودكم في الشارع وحاضنتكم في الشعب بل في كل الشعوب العربية.. ساءلوا أنفسكم متى زادت ومتى قَلَّت؟!..

زادت يوم أن تمسكتم بمبادئكم وقدمتم رموزكم .. وقَلَّت وانحصرت يوم انتظرتم رضا البعض والتوافق مع آخرين والجنوح مع كل مخالف.

لست أدعوا لأن تتعالوا على غيركم، لكن طريق العز أن تخفضوا جناح الذل من الرحمة لشعوبكم وليس للمتنطعين هنا وهناك.

ما كُسِرتم إلا يوم قدمتم وجوهاً كالحة بدعوى المشاركة والتوافق؛ فأهانت رايتكم وشوهت نصاعة يافتطكم وأغضبت حاضنتكم وصرفت عنكم كثير من جلسائكم ومؤيديكم.

قولوا لي بالله عليكم: ماذا أغنى عنكم هؤلاء؟!.

هل وَفَّى لكم منهم أحد؟! هل دعموكم مرة أو ساندوكم أو دافعوا عنكم؟!..

لست أنسى أسماء سَمِجة وشخوص بالية قذرة سبقت رموز طاهرة في قوائم الإخوان في استحقاقات انتخابية كثيرة!!.

أين هم الآن وأين أنتم؟!..

إياكم أيها الإخوان أن تشربوا من نفس الكأس؟!..

لم يبكي ولن يزرف أحدهم دمعة ود لشهدائكم ومعتقليكم..

لا تُلدغوا يا أتباع الحق من الجحر الواحد مئين.. فهو ــ إن فعلتم ــ عارٌ على فكرتكم وحاضركم!!.

كفاكم سعياً وراء هؤلاء وأولئك وأنتم تعلمون غرضاً في قلوبهم .. كفاكم هرولة في ميدان التيه وغيبوبة الاصطفاف.

لست أدعوكم إلى الإنعزالية ولا معاداة الجميع، لكنني أشدد على أن تعرفوا صديقكم من عدوكم، والأحرار من المتلونين، وأصحاب المبادئ من حَرابِي السياسة وأدعياء الليبرالية وكذبة المعاهدات وخونة التوافق وذئاب الاتفاقيات.

الديمقراطية واضحة أهلا وسهلاً بمن يؤمن بها ويرضي بنتائجها، أما من يضع الشروط ويفرض الخيارات فليقف خلف السيسي ويتلحف ببردة العسكر، وإن رفع لواء الثورة أو توشح بوشاح مناهضي الانقلاب أو تقنع برداء ليبرالية مُدَّعاه كذوب.

السياسة تعني أن القوي يتكلم وواثق الخطوة يمشي ملكاً، أما المتردد والقَلِق والموهوم بالتهم والحريص على غيره والمُفَرِّط والمُتَنًازِل الذي يجري خلف المنهزمين والقاضي عمره في إرضاء خصوم لن يقبلوه ولن يرضوا إلا بانزواءه وموته، فليقعد في بيته ويعكف في محبسه وليوادع السياسيين ولا ينازعهم، أو يبحث في الصالحين عمن يدعمهم ولو بالدعاء والمشورة.

السياسة تعني أن الخصوم خصوم ، وأن ميزان النخب بقدر ما لها من وجود في الشعب والشارع، فلا نستهلك وقتاً ولا جهداً في نخبة لَعُوب لا مبدأ لها، أما النُخَب التي ليس لها في باب المبادئ إلا كراهيتكم وخصومتكم، فلتكن خصومة بلا كراهية، وفي خصومة هؤلاء العز والشرف.

السياسة تعني أن نقرأ الواقع وألا نصطبر لمن يراوغ وننتظر هداه، ميدان الدعوة فسيح واسع أما ميدان السياسة فيكتُب نتائجها الحسم والمواجهة.

لا بأس إن أصررتم على ابتسامة الدعوة شرط أن تهتف بالعمل الجاد الدؤوب والمجاهدة الصابرة الوقور، ولا تمنع من مبارزة بصيرة واضحة في استحقاق ومسار الصراع والواجب.

قمة الخذلان في السياسة أبصرناه في سقطتين وهاويتين؛ هرولة خلف نُخَب حاقدة عجوز، وتيه استرضاء غرب كاره متربص..

السياسة تعني أن الشعوب هي محل الأمل والعمل، وأن التلحف بالشعوب هو النجاه، أما أولئك الذين يكثرون ملاومة الشعوب فدعوهم، وإياكم وهذا الباب فلا طائل منه هو والإنتحار سواء.

ليس هناك شعب حر وشعب عبد، ولو قدم الإخوان للمصريين ما قدمه أردوغان للأتراك لأعطاهم المصريون أضعاف هذه النسبة المخزية!!.

ولو أعطى الشعب التركي لأردوغان ما أعطاه الشعب المصري للإخوان لسودهم الطيب رجب على العالمين، وهو فاعل إن شاء الله.

أقول للإخوان لا تلوموا على الشعب المصري ولكن إجمعوا صفكم وابحثوا في ذواتكم وراجعوا منهاجكم وأقيموا أنفسكم على جادة الحق يقم الناس لكم وتسودوا.

أنتم أيها الإخوان أهل للفوز الغلبة والنصر والتمكن وهذا حقكم وقدركم،  لكنه لن يتحقق ولن تنالوه حتى تغيروا ما بأنفسكم.

أيها الإخوان ..

ليست في دعوتكم المراجعة..

ولا في دينكم الخلل ولا في عقيدتكم علة..

ربما تكون في رحمتكم في غير موضع وترددكم في الميدان، وتنافسكم مع أنفسكم بينما تجري في عروقكم زهوة التنازل لغيركم.

أيها الإخوان لستم والله قليل..

ولا تفتقرون إلى العزائم والتضحيات..

ولم يذهب شهداؤكم بقوتكم ولا المطاردون بصفكم..

ولم تأكل السجون قواكم الحية ولا هدرت المنافي بطاقاتكم وكوادركم..

إنما الفقر فقر البصيرة، وأنما العوز أن لا نبصر جيوشاً جرارة وهِمماً عظيمة..

أيها الإخوان..

باركوا للطيب أردوغان وتأملوه وهو يصنع التاريخ بـ51%.

نعم.. الفروق كثيرة وعاصفة بين التجربتين!.

ولكن طوبى لمن جعل الوقت وقت مراجعة واستدراك!!

وهنيئاً لمن استفاد بالدرس من كل حدث وأفاق عند كل جرس!!.

والويل كل الويل لمن سدن في التماس كل عذر واستسلم في الرضا بكل تبرير.

أرى الاستفتاء التركي الأخير حَافِل بدروس عميقة ورسائل تُنادي بالدراسة والتمحيص واستخلاص العبر.

ولا يجب أن يتجاوزها من يعرف قدره ويؤمن بدوره ويسعى على القيام بالفريضة التي فرضها الله عليه وأوجبها هو على نفسه.

أيها الإخوان ..

مازالت شعوبكم تنتظركم وتتحراكم..

فماذا أنتم فاعلون؟!.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023