شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

البرلمان للخلافات والسيسي للمناشدات.. مرحبا بكم في “عزبة” مصر العربية!

البرلمان للخلافات والسيسي للمناشدات.. مرحبا بكم في “عزبة” مصر العربية!
هل غابت دولة القانون في مصر للدرجة التي تجعل رئيس الدولة ملجأ وملاذًا لكل ذي حاجة، على طريقة "شيوخ العرب"، أو تعظيم الملك في جمهوريات الموز؟ هل اختزلت الدولة في شخص يرى الجميع أنه "حلّال العُقد" أم أنها ثقافة عامة تجذرت في

عندما تكتب في خانة البحث عبارة “يناشد السيسي” ستحصل على نتائج مذهلة، تتجاوز حوالي 140 نتيجة، تقدم خبرًا بنحو 120 شخصًا ومؤسسة “يناشدون السيسي”.

من أبرزها: مرتضى منصور يناشد السيسي وضع دستور جديد، عمرو أديب يناشد السيسي لتشكيل لجنة لأسر الشهداء، مُخرج سينمائي يناشد السيسي إنشاء مركز ثقافي عالمي للأطفال، معتز عبدالفتاح يناشد السيسي مقابلة (سيدة المنيا) وتقبيل رأسها، عيسى الفلاح يناشد السيسي محاربة الفساد، شقيق الحضري يناشد السيسي التدخل لإعادة أخيه إلى الأهلي، برلماني يناشد السيسي إلغاء زيادة رسوم تأشيرة الدخول لمصر، سعيد حساسين يناشد السيسي الإفراج عن أحمد الخطيب، إعلامي مصري يناشد السيسي التصالح مع السعودية، شيخ الطريقة الرفاعية يناشد السيسي الإفراج عن أخيه. 

بل إن الأمر وصل إلى استغاثة رئيس نادي القضاة المستشار محمد عبدالمحسن بالسيسي ومناشدته التدخل لإيقاف مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذي أقره البرلمان مؤخرًا.

فهل غابت دولة القانون في مصر للدرجة التي تجعل رئيس الدولة ملجأ وملاذًا لكل ذي حاجة، على طريقة “شيوخ العرب”، أو تعظيم الملك في جمهوريات الموز؟ هل اختزلت الدولة في شخص يرى الجميع أنه “حلّال العُقد” أم أنها ثقافة عامة تجذرت في نفوس الشعب المصري على مدار عقود حكمت فيها المؤسسة العسكرية والمخابرات البلاد ووضعت يدها على مقدراتها وطريقة تفكير أبنائها؟

لماذا لا يلجأ المواطنون المصريون إلى القانون؟ هل فقدوا الأمل فيه أم أن النظام زرع فيهم أن الحاكم أقوى من القانون؟ ما هي دلالات استغاثات الشعب بالحاكم الفرد في مصر؟ هل اعتاد الشعب المصري أن يكون الحسم بيد شخص يتجاوز القوانين والأعراف كافة؟

ثقافتا الواسطة والتأليه!

من جانبه، يرى الباحث السياسي مسعد خيري أن الأشخاص الذين يناشدون السيسي باستمرار لحل مشاكلهم أو أي مشاكل أخرى، من إعلاميين أو برلمانيين أو رجال أعمال، يؤمنون بداخلهم بثقافة الفرد الواحد، الذي هو فوق أي قانون؛ وما يؤكد ذلك وجود هؤلاء الأشخاص في مناصبهم وأعمالهم من الأساس، فهم وصلوا إلى ما هم فيه من خلال مبدأ “الواسطة”، الذي هو متجذر في ثقافتهم، حتى يصل إلى الاعتقاد بأن رئيس الجمهورية يأمر ويُطاع؛ وبالتالي من الطبيعي أن يناشدوه في أي أزمة -تلقائيًا- دون تفكير.

وعطفًا على ذلك، يقول الدكتور عمرو عبدالرحمن، بالجامعة الأسترالية بالكويت، إن هناك أشخاصًا يقومون بهذا الأمر من باب التولف للحاكم نفسه؛ فهم يبعثون إليه رسالة مفادها أننا نثق فيك أكثر من ثقتنا في القانون نفسه.

ويتابع في تصريحات خاصة لـ”رصد” أن تفشي هذا الأمر في المجتمع المصري يعكس حالة تقترب من تأليه الحكام التي ترسخت لدى الشعوب العربية على مدار “حكم العسكر”، كما يرى أن قطاعًا عريضًا من الشعب لم يستوعب الدرس من ثورة الخامس والعشرين من يناير التي قامت من أجل تحقيق المساواة وتجاوز الأشخاص لبناء دولة المؤسسات التي تقوم على الشورى والديمقراطية.

استحقار للقانون

من زاويته، يرى الدكتور محمد العادل، أكاديمي وسياسي، أنه ليس هناك مانع أن يستغيث مواطن بحاكمه لحل أزمة ما، أما أن تكون هذه ظاهرة وبين أناس في مواقع قانونية وتشريعية وإعلامية فهذا دليل على استحقارهم للقانون ذاته؛ خاصة مع تزايد هذه الحالات.

ويضيف: كل حالة من تلك التي ناشد فيها هؤلاء السيسي للتدخل من المؤكد أن لها مخارج قانونية وتشريعية، فوضع الدساتير وتشكيل اللجان والإفراج عن المعتقلين والمرضى وغير ذلك كلها أمور لها منافذ قانونية؛ إلا أن المجتمع العربي بشكل عام والمصري على وجه الخصوص يرى أن الحلول دائمًا بيد الأشخاص.

يرونه بطلا

أما الناشط السياسي أحمد غنيم فيقول إن بالفعل هناك أشخاصًا يرون في السيسي بطلًا ومُخلّصًا؛ خاصة مع ترويجهم لعبارة “أنْقَذَ مصر”، فهم يرون أنه أنقذ مصر من الضياع على يد الإسلاميين والثوار؛ وبالتالي طبيعي أن يستغيثوا به وينسوا القانون ويعتبروه فوق القانون.

ويقول في تصريحات خاصة لـ”رصد”: إذا لجأ هؤلاء إلى القانون فلن يصلوا إلى أهدافهم؛ لأن القانون بالنسبة إليهم عدو، فهو يعني العدل وهؤلاء لا يريدون العدل؛ بل يريدون مصالحهم التي يعتقدون تمامًا أن السيسي هو راعيها، على حد قوله.

وأعلن برلمانيون عديدون أن ولاءهم للسيسي مطلق وثقتهم فيه لا حدود لها؛ منهم النائب محمود زايد، عضو البرلمان عن حزب الوفد بالشرقية، الذي قال للسيسي: “البرلمان كله معاك، وعايزين لجنة خاصة تتابع الطابور الخامس ومن يحاولون هدم البلد”.

ومنهم النائب عطية موسى جبلي، عن شرم الشيخ، الذي قال نصًا إبّان أزمة جزيرتي تيران وصنافير: “ثقتنا عمياء في الرئيس السيسي وأنه لن يفرط في شبر من أرض مصر”، وكذلك النائب عن دائرة المرج عيد هيكل، الذي قال: “نحن نتعلم من السيسي ونلجأ إليه في الأوقات الصعبة، وكلنا يد واحدة خلف الرئيس، والظروف التي تمر بها البلاد لا تحتمل المعارضة”!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023