شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ازدواجية المعايير.. أميركا تحول العراق “مسلخًا” وتدعي عظمتها كدولة!

ازدواجية المعايير.. أميركا تحول العراق “مسلخًا” وتدعي عظمتها كدولة!
ولكن، ما يحدث ليس خطأ صدام؛ حيث إنه حكم شعبه بالقسوة، وقام بعديد من القرارات السيئة؛ ولكن لا يمكن تحميله أفعال القوات الجوية الأميركية بحق المدنيين. وأصبح العراق مسلخًا لأميركا؛ حيث تقتل ثم تتحدث عن عظمتها كدولة.

نشرت صحيفة “ميدل إيست مونيتور” مقالًا للباحث طلحة عبدالرازق استنكر من خلاله صمت العالم عن المجازر التي تتم في الموصل.

وإلى نص مقاله:

في ظل انشغال العالم بالهجمات الإرهابية على لندن الأربعاء الماضي، أغفل عديدون مأساة أكبر تمت في العراق؛ حيث يتم قتل المئات.

وقُتل حوالي 237 عراقيًا في سلسلة من الهجمات الجوية بدأت يوم الخميس، وقالت بعض المصادر إن هذه الهجمات تمت من خلال التحالف الذي تقوده أميركا، وإن القوات العراقية هي من أعطتهم الإحداثيات للهجوم؛ ربما بسبب خوفهم من الاشتباك المباشر بداعش.

ومات عدد كبير في العراق نتيجة الموقف الذي اتخذه كثيرون من الحرب المشتعلة، وأصبحت حياة المدنيين لا قدسية لها في أعين العالم، ووصل المراقبون إلى حالة من الملل بسبب الحرب التي لا تنتهي في هذه الدولة.

ومنذ 19 فبراير الماضي، مات قرابة أربعة آلاف مدني في غرب الموصل؛ وهو ما يعد رقمًا مرعبًا. ولكن، ما يعد أكثر رعبًا هو عدم حديث أحد عنه، ويشير عدم وجود حالة من الغضب إلى أن ما يحدث يعد في صالح الغرب ومصالحهم؛ ولذلك لا تتحدث وسائل الإعلام عن قتلى المدنيين.

وعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من عدم مقدرتها على إحداث الفرق، كانت وسائل الإعلام الغربية ضد التدخل الروسي في العراق، وغضب العالم بسبب حالات القتل والاغتصاب الجماعي التي حدثت هناك للمدنيين. ولكن، لم يحدث رد الفعل نفسه بالنسبة إلى العراق، وحدث العكس؛ حيث يرى عديدون ضرورة محو الموصل من على وجه الأرض بسبب وجود داعش، على الرغم من وجود حوالي خمسة آلاف من مقاتلي داعش في مقابل مليوني تقريبًا من المدنيين.

وهناك تمييز إعلامي؛ حيث إنه عندما نقل الموقع العراقي “روداو” قصة مقتل المدنيين لم يهتم أحدٌ حتى ذَكَرَها صحفيون من الغرب، مثلما تحدث عنها مارتن شولفو من صحيفة الجارديان وكأنه يعطي لها المصداقية. وفجأة أظهرت هيئة الأمم المتحدة اهتمامها ونشرت ليزا جراند، منسقة الأمم المتحدة في العراق، تصريحًا تقول فيه إنهم يشعرون بالذهول بسبب هذه الخسارة الفادحة.

ولكن هذا التصريح لن يفيد بشيء ولن يغير في الوضع، ناهيك عن تأخر صدوره.

هل سيتم تحميل أميركا المسؤولية؟

يُذكّرنا هذا المشهد بمقتل المئات من المدنيين في فبراير 1991 نتيجة هجوم بالقنابل من القوات الجوية الأميركية، واستخدمت أميركا قنبلتين لقصف ملجأ القنابل بالعامرية؛ وأدى ذلك إلى مقتل 408 على الأقل.

وبعد انتهاء الهجوم وحرب الخليج قالت هيومان رايتس ووتش في تقريرها إن وزارة الدفاع الأميركية كانت تعلم أن هذا الملجأ يستخدمه مدنيون خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات. وبررت أميركا ذلك بأنها لم تكن تعلم أن الموجودين به مدنيون.

وبالنسبة إلى العالم، فإن القتلى هم عدد لا قيمة له. وفي المقابل، لا يعلم الجميع فقط اسم الإرهابي في حادث لندن؛ ولكن أيضًا كل أسماء الضحايا الثلاث، ولا يعد ذلك سيئًا؛ حيث إنه من الضروري معرفة أسماء الضحايا، ولكن لماذا يتم التركيز على ضحايا الغرب فقط؟

لماذا يوجد ازدواج معايير؟ ولماذا لا تتم محاسبة أي شخص على ملايين الأرواح التي تزهق في عقدين من الزمن بسبب العدوان الغربي؟ إذا وصل مراقبو الوضع إلى حالة من الملل بسبب رؤية العراق في الأخبار، فإن عديدين ملّوا من لوم صدام حسين على كل ما يحدث.

ولكن، ما يحدث ليس خطأ صدام؛ حيث إنه حكم شعبه بالقسوة، واتخذ عديدًا من القرارات السيئة؛ ولكن لا يمكن تحميله أفعال القوات الجوية الأميركية بحق المدنيين. وأصبح العراق مسلخًا لأميركا؛ حيث تقتل ثم تتحدث عن عظمتها كدولة.

ومما يزيد الأمر سوءًا تقديم أميركا الدعم الجوي للجهاديين الشيعة، وهو ما يعد أمرًا غريبًا؛ حيث تعتبر أميركا والشيعة من إيران عدوين. ومن وجهة نظر العراقيين فإن كليهما قتلة من دون رحمة.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023