شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فورين أفيرز: بصفقات الأسلحة.. أوروبا تحول مصر إلى شرطي أجير

فورين أفيرز: بصفقات الأسلحة.. أوروبا تحول مصر إلى شرطي أجير
ترى صحيفة "فورين أفيرز" الأميركية أن الهدف من صفقات الأسلحة الفرنسية والبريطانية والألمانية مع الجيش المصري هي تحويله إلى شرطي يحمي الحدود الجنوبية لتلك الدول من تدفق اللاجئين عبر المتوسط.

ترى صحيفة “فورين أفيرز” الأميركية أن الهدف من صفقات الأسلحة الفرنسية والبريطانية والألمانية مع الجيش المصري هي تحويله إلى شرطي يحمي الحدود الجنوبية لتلك الدول من تدفق اللاجئين عبر المتوسط.

وقال الصحيفة إنه قد مر ستة عقود على تأمين جمال عبدالناصر لقناة السويس،  إلا أن صدى رسالة التأميم مازالت تتردد، وهي أن قيمة مصر الجيوسياسية لا غنى عنها، وأن القاهرة تعرف ذلك، ومن خلال القناة تصل مصر بين أفريقيا وآسيا وأوربا، وعقّدت القناة علاقة مصر ببقية دول العالم منذ عام 1859، عندما بدأ المصريون حفر القناة تحت الإشراف الفرنسي، وعندما أمم ناصر الممر المائي عام 1956 شنت القوات الفرنسية البريطانية هجوماً على مصر لاستعادة القناة، ورداً على ذلك أغرق عبدالناصر 40 سفينة مما أدى إلى إغلاق الممر أمام كل السفن.

وخلال عقدين بعد الهجوم، تحولت فرنسا إلى الحليف الأجنبي الرئيس لـ”إسرائيل” وكانت أشكال الدعم الرئيسية هي بيع فرنسا لمقاتلات “فوجا ماجيستر” النفاثة إلى إسرائيل ومساعدتها في البرنامج النووي في ديمونة،  ومع اعتماد باريس على “تل أبيب” كحليف،  أيدت القاهرة التمرد المناهض للاستعمار في الجزائر، وفي الوقت نفسه،  بين عامي 1967 و 1975، أغلقت القناة أمام جميع الشحنات، لكن ومع انتهاء الفترة الناصرية،  نأت فرنسا بعيداً عن “إسرائيل” وبدأت في استعادة علاقاتها التجارية التقليدية مع القاهرة، وبعد توقيع مصر وإسرائيل على اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1978، أصبحت قناة السويس واحدة من أكثر الطرق البحرية تأمينا في العالم،  واستحوذت على 7.5% من إجمالي تجارة المحيطات في العالم.

والآن، من المفترض أن تتعمق العلاقات الفرنسية المصرية، وتتطلع فرنسا إلى مصر كشريك عسكري للتعامل مع التهديدات الإرهابية لحركة التجارة إلى جانب أزمة المهاجرين في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وهي تستثمر في تحويل مصر إلى قوة رئيسية في المنطقة وقال الرئيس الفرنسى “فرنسوا هولاند” فى فبراير 2015 “اعتقد أنه نظرا للسياق الحالى فإنه من الاهمية بمكان أن تتمكن مصر من العمل على دعم الاستقرار والأمن ليس على أرضها فحسب بل فى المنطقة” وذلك في نفس الوقت الذي باعت حكومته للقاهرة أحدث المعدات العسكرية الفرنسية ورتبت عدد من المناورات المشتركة.

ومنذ عام 2015،  باعت باريس أربع طائرات من طراز “جويند” إلى مصر وتهدف هذه الصفقات إلى تعزيز مصر في مواجهة الأخطار القادمة من الجهاديين والمهاجرين غير الشرعيين،  كما حصلت مصر على سفينتين فرنسيتين من طراز ميسترال،  وسيتم تجهيزها بخمسين مروحية روسية من طراز “كا 52 أليجاتور” القتالية التي يمكنها إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات، وفي الوقت نفسه، ستحظى ترسانة مصر البحرية بدعم من أحد الأقمار الصناعية الفرنسية المصممة للمراقبة والاستطلاع، وأنشأ حلف الناتو قنوات دبلوماسية مع مصر لتنسيق ردود الأفعال تجاه الأزمة الليبية، ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها وسيلة لتبادل المعلومات الاستخباراتية عن ليبيا وأزمة المهاجرين .

وتعد مصر بالفعل أحد عملاء الأسلحة البارزين لفرنسا، بحجم صفقات وخدمات سنوية يقارب الثماني مليارات دولا؛ إذ بلغت مبيعات فرنسا من 25 طائرة مقاتلة من طراز “رافال” إلى مصر وحدها 5.9 مليارات دولار، وفي أبريل 2016،  وافقت مصر وفرنسا على برنامج بقيمة 1.1 مليار دولار يتضمن نظام اتصالات أقمار صناعية عسكرية.

وترى الصحيفة أن الهدف من كل هذه الصفقات العسكرية هو خوف فرنسا من تصاعد العمليات الإرهابية، وأعداد المهاجرين العابرين للبحر المتوسط بغية الدخول إلى أوربا، ونظراً للاضطرابات في معظم دول جنوب المتوسط، فإن القاهرة هي الدولة الوحيدة القادرة على القيام بدور شرطي المنطقة،  وتأمين حدود أوربا الجنوبية .

وتشير الصحيفة إلى تنامي علاقات مصر العسكرية مع بريطانيا وألمانيا، إذ قامت بريطانيا بتدريبات مشتركة مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، أما بالنسبة لألمانيا فقد كان العام الماضي مرحلة أساسية في العلاقة بين البلدين، فباعت ألمانيا 4 غواصات للأسطول المصري، وقامت المستشارة الألمانية بأول زيارة لها منذ 2013 وخلال مؤتمر صحفي مع السيسي، أيدت السيسي كحارس رئيسي لحدود أوروبا الجنوبية.

ووفقاً لأحد المصادر المقربة من القاهرة، فإن ألمانيا تأمل في أن تقوم مصر بإعادة اللاجئين إلى الشواطئ الشرقية لليبيا تحت حماية مصرية، وينتاب أجهزة الأمن المصرية القلق حول حماية اللاجئين في كل من مصر وليبيا، وهو ما يبدو السبب الرئيسي في عدم إبرام السيسي للاتفاقية مع ميركل.

ومع عدم قدرة (أو رغبة) ليبيا في منع خروج اللاجئين الأفارقة من أراضيها إلى أوروبا،  فإن الاتحاد الأوروبي حريص على إيجاد شركاء آخرين للقيام بدوريات في المناطق المتاخمة لحدوده، هنا تدخل مصر التي على الرغم من مشاكلها الاقتصادية والأمنية الداخلية،  هناك جيش قوي يقف على استعداد لرقابة مياه البحر المتوسط في مقابل أن يدفع الاتحاد الأوربي له،  وبعد كارثة أكتوبر 2016 التي أسفرت عن غرق 200 من مواطنيها،  أصدرت القاهرة تشريعات لمكافحة الهجرة مع عقوبات صارمة لمشغلي القوارب ومهربي المهاجرين.

وتؤكد الصحيفة على أن مثل هذه الصفقات لها سلبياتها، فمصر بالفعل أكبر مستورد للأسلحة على مستوى العالم بين الدول النامية، ويقول منتقدو السيسي إن الهدف من شراء الأسلحة هو تخويف معارضي الجيش في الداخل، أكثر من منع اللاجئين أو الإرهاب، ويؤكد ماجد مندور من مؤسسة “كارنيجي” على أن حاملات الطائرات من طراز “ميسترال” المصرية يمكن أن تستخدم بسهولة للسيطرة على المدن الحيوية مثل الإسكندرية وبورسعيد والسويس التي كانت أول مدينة تخرج عن سيطرة النظام في عام 2011 .

لكن الأوروبيين أقل قلقا،  وخلال المؤتر الصحفي مع “ميركل” قالت ميركل “نحن سعداء لأن نظرائنا المصريين وافقوا على تخفيف القيود على المؤسسات السياسية”،  كما أشادت بالتوقيع الوشيك على اتفاقية شراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر تهدف إلى تأطير وتكريس علاقة القاهرة مع المؤسسات الأوروبية، ووفقا لإحصائيات الاتحاد الأوروبي،  يساهم الاتحاد الأوروبي بنسبة 75% تقريبا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، وتظل دول الاتحاد أهم أسواق التصدير في مصر،  حيث تمثل 29.4% من الصادرات المصرية .

وتختم الصحيفة بالقول: “إن تحويل مصر إلى قوة رئيسية داعمة لأهداف الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط سيتطلب المزيد من الاستثمارات الأوروبية في الاقتصاد المصري الضعيف والمزيد من الصفقات لتحديث وتنويع مصادر الأسلحة في مصر لكن ذلك سيجبر “بروكسل” على غض الطرف عن سجل انتهاكات حقوق الإنسان في القاهرة وقمعها للمعارضة الليبرالية والإسلامية”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023