شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

منع السودان للخضروات والفواكه المصرية.. الدوافع السياسية خلف الستار

منع السودان للخضروات والفواكه المصرية.. الدوافع السياسية خلف الستار
في الوقت الذي تتأهب فيه مصر لانطلاقة تحاول من خلالها تعويض ما لاقته من تراجع اقتصادي إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، واجهت مسيرة الديمقراطية في مصر منذ ما يربو على الثلاث سنوات انتكاسة سياسية أتت على المجالات كافة؛ فتراجع

في الوقت الذي تتأهب فيه مصر لانطلاقة تحاول من خلالها تعويض ما لاقته من تراجع اقتصادي إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، واجهت مسيرة الديمقراطية في مصر منذ ما يربو على الثلاث سنوات انتكاسة سياسية أتت على المجالات كافة؛ فتراجع الاقتصاد بشكل غير مسبوق، وارتفع معدل التضخم في مصر لمستويات لم تشهدها البلاد منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وانهار قطاع السياحة، وتراجعت نسبة الصادرات؛ خاصة على الخضر والفواكه.

واتخذت عديد من الدول قرارات سلبية حيال الاقتصاد المصري، ما بين حظر الولايات المتحدة لاستيراد الفاكهة المصرية وتبعتها الكويت ودول عربية أخرى، ومرورًا بمنع التعامل على أنواع بعينها من الفواكه المصرية في روسيا، وانتهاء بقرار السودان مؤخرًا بحظر واردات مصرية من الخضر والفاكهة.

وبينما اعتبر خبراء حظر السودان استيراد السلع الزراعية ومستحضراتها المصنعة والأسماك المعلبة من مصر “قرارًا متوقعًا” في ظل تدهور القطاع الزراعي المصري، رأى آخرون دوافعه سياسية لا علاقة لها بحال هذه المنتجات، وشددت الحكومة المصرية على نفي ما أعلنه السودان كمبرر لهذا الحظر.

ونقلت الوكالة السودانية الرسمية منذ أيام عن وزارة التجارة السودانية حظرها استيراد السلع الزراعية ومستحضراتها المصنعة والأسماك المعلبة من مصر، وألحقت ذلك بحظر سابق لاستيراد الخضروات والفواكه؛ وبررت ذلك بورود شكاوى ومعلومات بأن الخضار والفواكه الملوثة أصبحت تأتي مُصنعة بأشكال المعلبات والكاتشب والصلصة بعد منع استيراد الطازج منها.

وأثار القرار حفيظة سياسيين ووسائل إعلام مصرية؛ حيث هاجمته صحف وفضائيات مصرية، بينما أرجعه وكيل لجنة الزراعة في البرلمان المصري النائب رائف تمراز -في تصريحات إعلامية- إلى تحفظ الخرطوم على إرسال مصر مساعدات غذائية إلى جنوب السودان بعد أن ضربتها المجاعة.

ليس الأول

وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام إلى أن قرار السودان لم يكن الأول من نوعه؛ حيث سبقته دول أجنبية وعربية، منها السعودية والكويت والأردن، كما انضمت إلى القائمة الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية أخرى.

ويرى عبدالسلام، في تصريحات صحفية، أن هذه الدول حظرت استيراد المنتجات الزراعية المصرية بسبب تلوثها وريها بمياه الصرف الصحي أو رشها بمبيدات مسببة للسرطان، لافتًا إلى أنه رغم إثارة الأمر لضجة عالمية أضرت بالصادرات المصرية من حيث السمعة والأسواق والحجم؛ فإن السلطات المصرية لم تعلن خطة للتعامل بجدية مع الأزمة.

إصابة في مقتل

ويذهب الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الأزمة من شأنها أن تصيب الصادرات المصرية في مقتل؛ وهو ما يؤثر بشكل حاد على الاقتصاد المصري، خاصة مع ما هو معلوم من أن التصدير يعد المصدر الأول للنقد الأجنبي، ويسبق السياحة وتحويلات العاملين بالخارج.

كارثة

من جهته، يرى الإعلامي المتخصص في الشأن الزراعي المصري جلال جادو أن تزايد الدول التي حظرت الواردات المصرية من المنتجات الزراعية يمثل كارثة على الزراعة، التي تساهم بأكثر من 14% من الدخل القومي للبلاد.

ويؤكد “جادو” في تصريح تلفزيوني أن مخالفات المنتجات الزراعية المصرية لكل المعايير الصحية وعدم قدرة مصر على استعادة الريادة الزراعية والعودة إلى سابق عهدها سببان للجوء السودان إلى هذا الإجراء، ذاهبًا إلى أبعد من ذلك، بوجود مؤشرات ودلائل تثبت تورط أطراف من السلطة في السعي لتدمير الزراعة لصالح كبار المستوردين.

الدلالة الأسوأ

ورأى أن الدلالة الأسوأ لهذه الأزمة هي أن “المصريين يأكلون ما هو أسوأ من المُصَدَّر”، ذاهبًا إلى أن غياب حكومة منتخبة وسعي المؤسسة العسكرية للسيطرة على القطاع الزراعي هما أهم أسباب هذه الكارثة.

ويرى الباحث بمركز البحوث الزراعية في مصر رمضان محمد أن أغلب دوافع الدول التي حظرت المنتجات المصرية مؤخرًا “سياسية” بالدرجة الأولى، لافتًا إلى أن رفض شحنات مصرية أمر ليس بالجديد؛ لكنه لم يكن يحظى بتسليط الضوء عليه سابقًا.

ضغط سياسي

ويذهب محمد إلى أن انضمام السودان إلى هذه الدول ربما يأتي في إطار الضغط على مصر في الخلاف القائم على منطقتي حلايب وشلاتين، مؤكدًا أن السودان بحاجة إلى استيراد أي منتجات بغض النظر عن الجودة.

ويشير في هذا السياق إلى أن رفض روسيا استيراد البطاطا كان “ردًا بالمثل”، مدللًا على ذلك بعودة استيرادها بمجرد موافقة مصر على استيراد قمحها المصاب بالأرجوت، متوقعًا عودة السعودية إلى استيراد بعض المنتجات التي رفضتها مؤخرًا بعد تحسن علاقاتها بمصر.

وأضاف أن غالبية الدول التي تستورد منتجات زراعية مصرية لها مراقبون تابعون لها في مصر يحللون التربة والمياه وعينات من المنتجات قبل التصدير.

نفي مصري

وفي السياق، قللت وزارة الزراعة المصرية من تأثير القرار السوداني، بتأكيدها زيادة الصادرات الزراعية لمختلف دول العالم منذ بداية 2017 من 1% إلى 3%، نافية من خلال متحدثها الرسمي حامد عبدالدايم ريّ المحاصيل الزراعية المصرية بمياه الصرف الصحي، كما ذكرت ذلك الحكومة السودانية.

وقررت الحكومة السودانية وقف استيراد جميع أنواع الخضر والفاكهة والأسماك من مصر مؤقتًا لحين اكتمال ما سمتها “الفحوصات المعملية والمخبرية التي تُجرى لضمان السلامة العامة في البلاد”.

وأرجع بيان صادر عن وزارة التجارة السودانية القرار إلى حرص الوزارة على صحة الإنسان والحيوان والنبات في البلاد وسلامتهم. كما كشف عن أن القرار يشمل المنتوجات الطازجة والمجمدة والمجففة كافة من جمهورية مصر العربية، معلنًا سريان القرار من الثلاثاء لحين اكتمال الإجراءات المطلوبة بهذا الشأن.

ووفق البيان، استندت الوزارة في قرارها إلى الإجراءات السودانية المتبعة بشأن الاستيراد والتصدير “ووفقًا للحقوق المكتسبة للسيادة الوطنية والتشريعات الدولية التي تجيز الإجراءات الكفيلة بحماية صحة الإنسان والحيوان في البلاد”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023