شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فهمي هويدي: هذه الرسائل تؤكد أن مراجعة المسار صارت واجب الوقت

فهمي هويدي: هذه الرسائل تؤكد أن مراجعة المسار صارت واجب الوقت
أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي، أن رسائل السخط التي تطلق في الفضاء المصري في أيام الشِّدة الراهنة ينبغي أن تُسمع قبل فوات الأوان.

أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي، أن رسائل السخط التي تطلق في الفضاء المصري في أيام الشِّدة الراهنة ينبغي أن تُسمع قبل فوات الأوان.

وأوضح الكاتب الصحفي، في مقال له اليوم، أنه نشرت جريدة الأهرام الصادرة يوم ١٢ فبراير الحالي “أمس الأول” إعلانا على الصفحة الأولى بحجم لافت للنظر كان عنوانه كالتالى: شكر وتقدير ــ يتقدم مستثمرو العبور بخالص الشكر وعظيم الامتنان إلى السادة الذين كانوا ١٤ ضابط شرطة يتقدمهم وزير الداخلية ــ أما موضوع الشكر فهو «ما بذلوه من جهود لإعادة الأستاذ فلان “الذى هو من رجال الأعمال”، الذى تم اختطافه وأعادوه إلينا سالما». 

وأشار “هويدي” في مقال له، إلى أن رسالة الإعلان تقول إن عودة رجل الأعمال إلى بيته سالما صار خبرا يستحق توجيه الشكر وعظيم الامتنان لوزير الداخلية و١٤ ضابط شرطة، وهو أمر لا مبالغة فيه، لأن خطف رجال الأعمال واشتراط دفع فدية لإطلاقهم بات ملحوظا فى مصر خلال السنوات الأخيرة.

ولفت “هويدي” إلى قصة عصابة بورسعيد التى تخصصت فى تلك العمليات/ وكان أبرز ضحاياهم مستثمر من بنجلاديش، متابعا: “من الضحايا المشهورين الذين تحدثت عنهم الصحف المصرية مستثمر سعودى يملك مصنعا للصلصة تم اختطافه مع سائقه فى طريق عودته من الإسماعيلية إلى القاهرة، وقيل آنذاك إن خاطفيه طلبوا خمسة ملايين جنيه لتحريره، أما غير المشهورين الذين تعرضوا للاختطاف ثم أخلى سبيلهم بعد دفع الفدية فى صمت فأعدادهم غير معروفة، لكنها ليست قليلة على أى حال، أو هكذا تقول الشائعات”.

وشدد “هويدي” على أنه لو أن هذه الحوادث استثنائية مما يتعرض له بعض الأثرياء لقلنا إنها مما يحدث فى بلاد أخرى، لكنها تحولت إلى ظاهرة لم تعد تؤرق الأثرياء وحدهم، ولكنها باتت تزعج القادرين خصوصا الذين أصبحوا يعيشون فى منتجعات الضواحى، وغيرهم من أهالي تلاميذ المدارس الخاصة، الذين أصبح أطفالهم يتعرضون للاختطاف واشتراط دفع مبالغ مالية متفاوتة القيمة لإطلاقهم. حتى أصبحت حراسة أولئك الأطفال فى الذهاب والعودة هما يشغل أغلب الأسر.

وأشار “هويدي” إلى “أفهم أيضا أن يكون هناك مجرمون وراء تلك الحوادث، لكن المشكلة تتخذ منحى آخر إذا لاحظنا أن بعض الجناة ليسوا مجرمين ولكنهم فقراء أو عاطلون، وأن الخطف ليس سوى شكل واحد من أشكال الانحرافات التى ظهرت أعراضها فى المجتمع، ولم تعد مقصورة على الطبقات المعدمة أو الفقيرة، ولكن عدواها انتقلت إلى الطبقات المتوسطة التى جرى إفقارها فى أجواء الغلاء الفاحش الذى أحدث تصدعات اجتماعية غير محسوبة”.

واستطرد “هويدي”: “للأسف ليست لدينا دراسات يطمأن إليها توثق ما أدعيه، خصوصا أن المسئولين لا يرحبون بالمعلومات التى تتحدث عن عمق ونتائج الأزمة الاقتصادية فى مصر، إذ يعتبرون نشر إحصاءات تفشى الجريمة وانتشار حوادث العنف بسبب الأزمة الطاحنة من قبيل تثبيط الهمم والانصراف عن الإنجازات”. 

وبين أنه “ربما كانت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاءات هى الضوء الرسمى الوحيد الذى يوضح لنا بعض مؤشرات الأزمة، آية ذلك أن الصحف الصادرة هذا الأسبوع تحدثت عن ارتفاع معدل التضخم السنوى فى شهر يناير إلى ٢٩.٦٪، وفصل تقريرها فى نسب الزيادات فى أسعار السلع الأساسية من اللحوم والدواجن إلى الخبز والألبان”. 

ولفت إلى أن إبراز صحيفة «المصرى اليوم» فى عناوين عدد ١٣ فبراير تعليق الدكتورة عالية المهدي العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي ذكرت فيه أن تلك النسبة من التضخم هي الأعلى في مصر منذ سبعين عاما، الأمر الذي يعني أن المصريين لم يعرفوا مثل ذلك الغلاء الذي يعانون منه منذ ثلاثة أرباع القرن تقريبا.

وأوضح “هويدي” أن “الأوجه الأخرى للصورة نتعرف عليها من وسائل الإعلام، فالخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن القادم أسوأ، فالزيادات فى الأسعار سوف تستمر فى مجالات حيوية عدة (الكهرباء ومياه الشرب والوقود مثلا) طبقا للاتفاق الذى أبرم مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يعنى أن معاناة الجماهير سوف تتضاعف، الأمر الذي سيرفع من معدلات العنف والجريمة والفساد أيضا، لأن ملايين الموظفين من ذوي الدخول الثابتة لن يصبحوا قادرين على الاستمرار فى الحياة إلا باللجوء إما إلى الجريمة وإما الرشوة، والذين يرفضون السير في ذلك الطريق، أمامهم خيار ثالث له سوقه التى أصبحت رائجة فى مصر، التي أصبحت ثالث بلد فى العالم تباع فيه الأعضاء البشرية، بعد الصين وباكستان، حتى بات مألوفا أن تنشر الصحف المصرية أخبارا عن اكتشاف عصابات ومستشفيات ومراكز تقوم بتلك المهمة، أما الذين تسد فى وجوههم كل الأبواب، فإنهم يلجأون إلى الانتحار يأسا من الحياة، فى ظل العجز عن تلبية احتياجات المعيشة أو العجز عن سداد الديون، وبوسع أي باحث أن يرصد تواتر نشر تلك الحوادث فى الصحف المصرية بين الحين والآخر”.

وأشار هويدي إلى رسالة أخرى ففي الثامن من شهر فبراير الحالي قام أهالى مدينة “القرين” بمحافظة الشرقية باعتراض طريق سيارة نقل تابعة لوزارة التموين، كانت محملة بكميات من السلع الأساسية في مقدمتها السكر والزيت والأرز، وما إن توقفت السيارة حتى اقتحمها الأهالى وقاموا بنهب محتوياتها.

وأوضح أن الدلالة السياسية للحدث تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي التي أعادت إلى الأذهان ذكرى أحداث ١٨ و١٩ يناير قبل أربعين عاما (عام ١٩٧٧) حين انفجر غضب الفقراء بعد رفع أسعار الخبز فخرجوا فى مظاهرات هاجمت بعض المحلات التجارية، وهتفت ضد الرئيس السادات وحكومته. ولايزال جيلنا الذى عاصر تلك الأحداث يذكر الهتافات التى كان منها: يا ساكنين القصور الفقرا عايشين فى القبور ــ سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمه بقى بجنيه ــ هو (السادات) يلبس آخر موضة واحنا بنسكن عشرة فى أوضة..إلخ.

وأضاف أنه فى تعلقيات السوشيال ميديا على الحاصل فى مصر هذه الأيام ترددت عبارات انتفاضة الغلابة وثورة الجياع.

وتابع: “وقرأت لأول مرة اسم حركة «ضنك» وتصدى أحد المعلقين للفكرة قائلا إن الانتفاضة أو الثورة لا تكون بالضرورة على شكل مظاهرات جماعية غاضبة تهتف وتهاجم المحلات التجارية، لكنها أيضا قد تكون على شكل انتشار الممارسات الفردية التى تعبر عن النقمة والغضب”. 

وتابع: “خلص صاحبنا من ذلك إلى أن ما يحدث فى مصر الآن هو ثورة من ذلك الطراز الأخير، وقد ظهرت بوادرها بوضوح بعد تعويم الجنيه المصرى ورفع أسعار جميع السلع، مشيرا إلى أن هذا الأمر الذى كان له صداه العنيف فى أوساط الطبقة المتوسطة، أما الفقراء باختلاف درجاتهم فإن وقع الصدمة عليهم كان مضاعفا”.

وأكد “هويدي” أن هذا “ما يسوغ لى أن أقول إن المجتمع المصرى إذا لم يكن فى حالة ثورة فهو على الأقل يمر بحالة القابلية للثورة، وهى ليست ثورة ضد النظام، ولكنها دفاع عن حق الناس فى العيش الكريم، وأحسب أن ذلك التحليل ليس غائبا عن السلطة، التى باتت تحظر وتتشدد فى منع وقمع أى تجمع بشرى فى الشارع المصرى. وإضافة إلى ما تكفل به قانون حظر التظاهر، فإن القرار الأخير الذى منع التظاهر فى محيط ٨٠٠ متر لجميع المنشآت الحيوية، بمثابة خطوة تقطع الطريق على أى تظاهر محتمل فى بر مصر، حتى إذا كان سلميا ويحميه الدستور”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023