شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

المشاريع العسكريّة المعارضة في سوريا ومستقبلها – أحمد الراغب

المشاريع العسكريّة المعارضة في سوريا ومستقبلها – أحمد الراغب
في هذا المقال سنتناول هذه المشاريع العسكرية من حيث أهدافها، وواقعها، ومستقبلها، وسنترك المشاريع السياسيّة لمقال آخر قادم...

في سوريا الجريحة خمسة مشاريع متنافسة للمعارضة، ثلاثة منها عسكريّة، واثنان سياسيان.

وفي هذا المقال سنتناول هذه المشاريع العسكرية من حيث أهدافها، وواقعها، ومستقبلها، وسنترك المشاريع السياسيّة لمقال آخر قادم…

ـ المشاريع العسكريّة:

وهذه المشاريع هي الآتية:

المشروع الأوّل ـ مشروع تنظيم القاعدة: ويمثّل هذا المشروع ثلاثة تنظيمات، تنظيم الدولة الإسلاميّة، وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة، ومن انضم إليها حديثاً)، وجند الأقصى.

أ ـ هدفه: تهدف هذه التنظيمات إلى إقامة دولة إسلاميّة وفق منهج تنظيم القاعدة؛ بل وصل الأمر بتنظيم الدولة إلى إعلان قيام الخلافة الإسلاميّة على جزء من أرض سوريا والعراق، ومن المعروف بداهة أنّ تحقيق هذا الهدف يكون من خلال الحلّ العسكري؛ إذْ لا تؤمن فصائلُ القاعدة السوريّة بالحل السياسي….

ب ـ واقعه:

ـ تنظيم الدولة: أصبح من المعروف لدى القاصي والدّاني أنّ تنظيم الدولة يقوم بحرب على مختلف دول العالم، فلا يوجد له صديق من مسلم أو يهودي أو نصراني أو بوذي أو دَهْرِيّ…!!!

وحتّى أنّ السّوريين لا يسلمون منه؛ بل إنّهم أوّل من حرقتهم ناره…

والتنظيم الآن في تقهقر مستمر، عسكريّاً واقتصاديّاً وشعبيّاً…ومن يتابع الأحداث يعلم ذلك من دون ريب…

ـ هيئة تحرير الشام: هذه الهيئة أُعلنت منذ أيام، وأصلها جبهة النصرة، فانضمت إليها، مجموعة من الألوية والفصائل والكتائب ذات التوجّه السلفي الجهادي، أهمّها حركة نور الدين الزنكي، وجيش الأحرار بقيادة هاشم الشيخ، ولواء الحق، وجيش السنة، وأنصار الدين، وجميع هذه الفصائل لا تعادل 25% من قوّة جبهة النصرة، فبالتالي الهيئة هي جبهة النصرة بشكل موسّع…

وسوف تزداد الانشقاقات في الفصائل المعتدلة لتنضم إلى هيئة تحرير الشام، وسوف تتابع هيئة أحرار الشام بمشروعها التوسّعي على حساب الفصائل المعتدلة والجيش الحر، ولا شيء جدّي وحقيقي يقف في وجهها لتحقيق هذا المشروع، وكلّ المبررات التي ستسوقها الهيئةُ من فساد بعض الفصائل، أو خيانتهم، أو بقبولهم للمفاوضات، أو قبولهم بالديمقراطيّة…كلّ ذلك هو غطاء على استئصالهم لتلك الفصائل؛ بينما الحقيقة هي الإمارة…

ـ أما جند الأقصى: سيذوب بالنتيجة بهيئة تحرير الشام.

ج ـ مستقبله:

إنّ كلّ مشاريع تنظيم القاعدة هي مشاريع عالميّة؛ بالتالي أعداؤها جميع العالم، ومن هنا تكون النتيجة معروفة للقاصي والدّاني، النتيجة هي هزيمة تنظيم القاعدة، مع إبقاء جيوب منها بشكل مقصود، بحيث تكون تهديداً لاستقرار البلاد…وهذا ما حصل في الصومال والجزائر وأفغانستان ومالي والعراق، وهو بالتأكيد سيحصل في العراق مرّة أخرى، وسيحدث في سوريا واليمن…سيحدث ذلك بعد أن تُحرق البلاد، ويُقتَّل أهل السنّة باسم الارهاب…لكن قبل تحقّق هذا المشروع في سوريا سوف تصل الهيئة أو تنظيم القاعدة بالقضاء على المعتدلين والجيش الحر، وعند اللحظة الأخيرة يبدأ التدخل الدولي لصالح الفصائل المهزومة، ويبدأ مسلسل القضاء على القاعدة بمسمّيات مختلفة، لكن مضمونها واحد…!!!

المشروع الثاني ـ مشروع المعتدلين:

ويضم بشكل ظاهر حركة أحرار الشام الإسلامية والفصائل التي انضمت إليها بعد الاقتتال الذي حصل منذ أيام ولم ينته إلى الآن، وجيش الإسلام.

أ ـ أهداف المشروع: يهدفون إلى إقامة دولة إسلاميّة، لكن ليس وفق منهج القاعدة، حيث يقبلون بالأحزاب السياسيّة، مع بعض التحفّظات على جوانب الدولة الحديثة، ويفضّل هذا التيار المعتدل الحلّ السياسي، ولكنّه لا يستبعد الحل العسكري…

ب ـ واقع المشروع:

ـ حركة أحرار الشام: بالحقيقة يطمح أحرار الشام إلى حكم سوريا، وهم يُعتبرون المنافس  الأساسي لتنظيم القاعدة، إذ كلٌّ منهما له مشروعه الخاص الذي لا يتخلّى عنه، ولو على حساب نجاح الثورة السورية، وعلى حساب دماء أبنائها، ولم تتدخّل أحرار الشام بشكل فاعل مع الفصائل التي تهاجمها هيئة تحرير الشام وجند الأقصى، لكي تنضم تللك الفصائل إلى أحرار الشام، وفعلاً انضمت إليها الآن ستة فصائل، وما زالت تطمح بانضمام المزيد إليها؛ حتى تصل إلى مرحلة تنضمّ إليها الفصائل كافّة، فتبقى هي الوحيدة بمقابل تنظيم القاعدة…

والحقيقة أنّ أحرار الشام حركة غير متجانسة، تحوي متشدّدين ومعتدلين، وألوية غير متفاهمة…وهي بالحقيقة لن تسلم في نهاية الأمر من تنظيم القاعدة…

ـ جيش الإسلام: ينحصر وجوده بشكل أساسي في الغوطة، ولا يستطيع منافسة حركة أحرار الشام ولا تنظيم القاعدة من حيث المشاريع.

ج ـ مستقبل المشروع:

هذا المشروع مستقبله الفشل في تحقيق أهدافه، وذلك للأسباب الآتية:

1 ـ معرّض للاجتثاث من قبل تنظيم القاعدة: فالساحة ستصل إلى فصيلين كبيرين في المستقبل، أحدهما تنظيم القاعدة، والآخر للمعتدلين بقيادة الأحرار، وسيحدث التصادم لا محالة بينهما، والنتيجة الأرجح هي سقوط المعتدلين…

2 ـ تيار المعتدلين ضعيف بنيويّاً، فلا تنظيم جيد، ولا قيادات متناغمة، ولا سمع وطاعة، ولا حسّ مرهف بالمسؤوليّة…

3 ـ المعتدلون ليسوا صفّاً واحداً؛ بل يسقطون الواحد تلو الآخر ولا يتناصرون ولا يتوحّدون…

المشروع الثالث ـ  الجيش الحر:

ويمثّل الطرف المقابل للإسلاميين، ولكن لا يعني هذا أنهم ليسوا مسلمين، أو أنّهم ضدّ أي مشروع إسلامي، لكن هؤلاء يشغلهم الخلاص من نظام الأسد.

أ ـ الأهداف: تتمثل أهدافهم بالخلاص من نظام الأسد بالدرجة الأولى، ولا يرفضون قيام دولة إسلامية، لكن المهم عندهم قيام دولة تراعي الحرّيات وتحترم الخصوصيات…

ب ـ الواقع: هذه الفصائل أصبحت ضعيفة، وتتعرّض للتصفية من قبل تنظيم القاعدة، بحجّة علاقتهم مع أمريكا أو تركيا ودول الخليج، أو الإيمان بالديمقراطيّة…ولا يلقون الدّعم من المعتدلين.

ج ـ المستقبل: بالحقيقة هؤلاء معرّضون للاستئصال أكثر من المعتدلين، أو سينضمّون لأحد الفريقين الكبيرين، القاعدة أو الأحرار، وبالنتيجة سيكونون خارج اللعبة…

وبالنتيجة نقول: إنّ السّاحة العسكريّة السوريّة سوف تنقسم إلى فريقين، فريق تنظيم القاعدة، وفريق المعتدلين، وسيحدث الصّراع العسكري بينهم لا محالة، بحجّة أن المعتدلين يقبلون بالحل السياسي، والحلّ السياسي من وجهة نظر تنظيم القيادة هو: خيانة للقضيّة السورية، وجلوس مع الكفّار، وتآمر على تنظيم القاعدة ،وتسليمهم إلى دول الكفر…؛ لذلك سيحدث الصدام المسلّح من جديد، وعلى الأرجح أن ينتصر تنظيم القاعدة، لكن قبل الضّربة القاضية من تنظيم القاعدة، سيتدخّل المجتمع الدولي لصالح الفصائل المعتدلة التي أنهكت، وأصبحت مطيعة رغم أنفها، وسيبدأ مسلسل اجتثاث تنظيم القاعدة في إدلب وحلب وحماه ودرعا، والتدخّل سيكون بسمّيات مختلفة، لكن المضمون واحد…أما تنظيم الدولة فالحرب عليه قائمة ونتيجتها محسومة، فالمسألة هي مسألة وقت وليس أكثر، وهذا كلّه لمصلحة النظام وداعميه الروس والإيرانيين…

وبذلك نصل إلى نهاية مأساويّة للثورة السورية، ويصبح مصير البلد بشكل تام بأيدي الدول العالميّة التي هي بالأصل لا تريد نجاح الثورة السورية، فنصل بذلك إلى التقسيم، أو النّظام الفيدرالي الذي هو صورة عن التقسيم، وبكلّ تأكيد دولة علمانيّة مهما كان شكلها المقترح…وبذلك تكون ضاعت دماء أكثر من مليون سوري…عدا عن الأنواع الأخرى من الخراب…

ولكن هل يمكن تجنّب هذا السيناريو الخطير..!!؟

نقول نعم، ولكن بطريقة واحدة، وهي أن يتخلّى كل فريق عن منهجه، وأحلامه الورديّة الفصائليّة، ويندمجوا بجسم جديد بعيداً عن الإيديولوجيا، ويكون هدفه هو إسقاط الأسد، وبعد سقوط الأسد ليمارسوا العمل السياسي ويختاروا ما يريدون من أنظمة الحكم…

ومن دون ذلك تكون جميع الفصائل قد شاركت بشكل فعلي في سقوط حلم السوريين بإسقاط الديكتاتوريّة الأسديّة، وإنشاء دولة تحترم الإنسان، وتجعله هدفاً لها…

فهل يستجيب أمراء الحرب في سوريا لهذا، أم أنّهم سيفجّرون البراكين التي ستحرق أهلّ السنّة في سوريا…!!!؟

 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023