شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مؤتمر باريس.. محاولة لإنقاذ ربع قرن من الخداع! – أحمد نصار

مؤتمر باريس.. محاولة لإنقاذ ربع قرن من الخداع! – أحمد نصار
يبدو أنها صارت عادة أو تقليدا أميركا خاصا، بأن يضع كل رئيس أميركي قضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين الأولى، في ذيل اهتماماته لسنوات، ثم يستفيق فجأة في أواخر أيام حكمه

يبدو أنها صارت عادة أو تقليدا أميركا خاصا، بأن يضع كل رئيس أميركي قضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين الأولى، في ذيل اهتماماته لسنوات، ثم يستفيق فجأة في أواخر أيام حكمه، محدثا بعض الفقزات الإعلامية، التي لا تفيد إلا حملة العلاقات العامة التي تجمل وجه أميركا، دون تغيير حقيقي على الأرض!

***

إذا لم تتابع مؤتمر باريس حول “السلام” فلا تقلق؛ فكل ما صدر عن المؤتمر كان فقط محاولة لإظهار الدعم لحل الدولتين المنسي وفق حدود الرابع من يونيو / حزيران 1967، والتأكيد غير العادي وغير المعهود على رفض محاولات ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس!

هل كانت أميركا بحاجة إلى حضور 25 وزير خارجية، وممثلين عن 70 دولة، (باستثناء محمود عباس ونتنياهو الطرفين المعنيين أكثر من غيرهما بالمؤتمر) لإدانة خطوة مستقبلية ينتوي أن يتخذها ترامب في المستقبل؟؟ لم كل هذا القلق من خطوة سيتحمل نتيجتها ترامب وليس أوباما، وستكون الإدارة الحالية قد تركت البيض الأبيض بالفعل؟؟

ولم كل هذا التباين والتوتر في المواقف الدولية تجاه المؤتمر، فرغم علاقة إسرائيل الوثيقة بالغرب؛ وصفت فرنسا نقل ترامب سفارة أميركا للقدس بالعمل الاستفزازي الذي ستكون له عواقب وخيمة، ووصف كيري نفسه الخطوة بالمستهجنة، بينما وصف نتنياهو المؤتمر كله بأنه “عبثي” !

***

هناك فيما يبدو ثلاثة أهداف تحققها الإدارة الأميركية وحلفاؤها من وراء هذا المؤتمر:

1- خطوة استباقية في محاولة لمنع ترامب من تنفيذ وعده السابق لنتنياهو بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس.

وهذه الخطوة تأتي لحماية المصالح الأميركية من وجهة نظر إدارة أوباما، التي ترى أن نقل السفارة إلى القدس سيزيد من غضب الفلسطينيين تجاه أميركا، وتجعل استهداف السفارة وبقية المصالح الأميركية في القدس أكثر سهولة ببكثير من استهدافها في تل أبيب.

2- استمرار لسياسة أوباما، التي انتهجها منذ إعلان فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، في محاولة قطع الطريق عليه، وتفخيخ فترته الرئاسية القادمة، باتخاذ خطوات تعرقل سياسته التي أعلن عنها سابقا، ومحاولة لضرب علاقاته مع حلفائه المنتظرين.

فخلال هذه الفترة البسيطة تبنى الكونجرس قانونا يفرض عقوبات إضافية على روسيا بحجة أنها تدعم بشار (رغم أنها تدعمه عسكريا في سوريا منذ أكتوبر 2015!!)، وقرار آخر بتمديد العقوبات على إيران عشر سنوات، وهو ما فسره البعض في إيران نقضا للاتفاق النووي مع الغرب، وقرار تاريخي غير مسبوق من مجلس الأمن بمباركة أميركية بإدانة الاستيطان، وقرار بنشر لواء مدرعا قوامه 3500 جنديا في بولندا، وهي الخطوة التي اعتبرتها روسيا تهديدا مباشرا، وجعلت المتحدثة اللبقة باسم الخارجية الروسية تخرج عن صمتها، وتقول أن الله خلق الكون في سبعة أيام، لكن أوباما يريد تدميره في تسعة أيام! (في إشارة للأيام التسعة المتبقية لأوباما في الحكم) – (رقم 4 في المصادر).

3- محاولة لتثبيت الوضع الدولي تجاه القضية الفلسطينية:

فاتفاق أوسلو كان أكبر صفعة تلقاها المشروع المقاوم للصهيونية في المنطقة والعالم، إذ برز للعالم أجمع أن هناك أطراف تريد السلام، وهي الأطراف الموقعة على اتفاق أوسلو (السلطة الفلسطينية وإسرائيل بدعم عربي ودولي) بينما هناك شرذمة قليلة فقط، متطرفة تتبنى المقاومة المسلحة، وتهدف لتحرير كامل فلسطين (وهو ما يترجم في الخارج بالقضاء على إسرائيل وعدم الاعتراف بحقها في الوجود)، وبذلك يتحول الغالبية الرافضة للاحتلال إلى إرهابيين!

وبعد ربع قرن من اتفاقية أوسلو، ومع عدم تحقيق اي نجاح من خلال المفاضوات، فقد اكتسب المشروع المقاوم، الذي تقوده حركة المقاومة الإسلامية حماس وأخواتها في فلسطين المحتلة، زخما شعبيا وخبرة قتالية، حتى صارت كتائب القسام جيشا حقيقيا، يملك طائرات بدون طيار تحلق فوق وزارة الدفاع (وهو مالم تفعله طائرة عربية)، ولديه جيش من الصواريخ تستطيع ضرب تل أبيب ، ولديها مشروع طموح لإنتاج غواصات، جعل الموساد الإسرائيلي يستهدف المهندس التونسي محمد الزوراي بسببه!

استطاعت المقاومة تحرير قطاع غزة، ومنع الاحتلال من تقسيم المسجد الأقصى زمنيا أو مكانيا، واستطاعت مؤخرا اختراق هواتف ضباط وجنود صهاينة، وتشغيل البث الحي فيها، للاطلاع على تفاصيل الاجتماعات السرية والمناورات الحربية، وهو ما أسهم في ارتفاع أسهم المقاومة، وانخفاض أسهم مشروع الدولتين!

وعليه؛ فإن أحد أهم أهداف مؤتمر باريس، كما عبر وزير خارجة فرنسا جان مارك إيرولت، هو عدم إعطاء هدية للمتطرفين، لأنه بحسب قوله: “لا يوجد وقت لإهداره، فلسنا في مأمن من تفجر العنف”!

ومن هم المتطرفون؟؟ أليسوا الرافضين لأسلو، ومشروع حل الدولتين، والمصممين على تحرير فلسطين كاملة؟؟ ألا يمثل هؤلاء الغالبية الساحقة من الشعوب العربية والمسلمة؟؟ ألسنا نحن؟؟

إن مؤتمر باريس محاولة لتثبيت المعادلة الدولية التي صيغت في مؤتمر أسلو، منذ ربع قرن، لتضييع فلسطين، بالإصرار على وصفها كنزاع يمكن تسويته بالتفاوض والعيش جنبا إلى جنب، مع وصف كل مقاومة لهذا المشروع بالإرهاب والتطرف!

ويرى المجتمعون في المؤتمر أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيضيع ربع قرن من الجهد الدولي الرامي لوصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وحشرها في الزاوية، وسيعطي المتطرفين (أي أنصار المقاومة) زخما شعبيا ومبررا سياسيا وأخلاقيا إضافيا لمقاومة الاحتلال، بل والوجود الإسرائيلي ذاته!

لذلك أقول أن ترامب لا يختلف كثيرا عن الديمقراطيين في قناعاته، لكنهم يحسنون التجمل، وهو مفضوح في كل شيء! ويصر ترامب بأفعاله الرعناء والخرقاء تلك على فضح السياسة الأميركية التي تكذب وتتجمل، وهو انتصار كبير لفريق المقاومة الذي يؤكد أن عملية السلام كانت ولا تزال مجرد فخ لإنهاء القضية الفلسطينية، وأن المقاومة هي الحل!

سعيد جدا بفوز ترمب، وسعيد بسياساته التي يصر عليه، رغم اعتقادي أنهم لن يتركوه في الحكم طويلا، إلا بصفقة يغير بها من سياساته، وإلا فهناك طلقة مجهولة المصدر، كالتي أصابت كينيدي، تنتظره، أو أزمة قلبية بعد ارتشافه فنجان من القهوة، يعد له الآن، أو نشر صورة له عاريا (مع إحدى العاهرات او ملكات الجمال) تجبره على الاستقالة، في الطريق إليه!

***
مصادر:
1- وزير خارجية فرنسا: نقل السفارة الأميركية الى القدس “ستكون له عواقب خطيرة”
https://goo.gl/HhGQsw

2- واشنطن تنشر قوات في بولندا.. وموسكو تعتبرها “تهديداً مباشراً” (خبر لم يأخذ حقه كثيرا في المتابعة رغم أهميته)
https://goo.gl/f1zImF

3- الكونجرس يوافق على فرض عقوبات على الحكومة السورية ومؤيديها، ومن بينهم روسيا وإيران
https://goo.gl/AmaqiP

4- زاخاروفا: الله خلق الكون في 7 أيام وأوباما سيدمره في 9!
https://goo.gl/vnUGNV



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023